رأي الدين: الرأي في أساسه مبني على التدبر والتفكر، ومنها قولهم: ((رأي الدين))، ((رأي الإسلام))، ((رأي الشرع))، وهي من الألفاظ الشائعة في أُخريات القرن الرابع عشر الهجري، وهو إطلاق مرفوض شرعاً، لأن ((رأي)) إذا تجاوزنا معناها اللغوي: (رأى البصيرِيَّة) إلى معناها اللغوية الآخر ((رأى العلميَّة)) والرأي يتردد بين الخطأ والصواب؛ صار من الواضح منع إطلاقها على ما قضى الله به في كتابه وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فهذا يقال فيه: ((دين الإسلام)) ((إن الدين عند الله الإسلام)) والله سبحانه يقول {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: من الآية36].
فتشريع الله لعباده يقال فيه: حكم الله، وأمره ونهيه وقضاؤه، وهكذا، وما كان كذلك فلا يقال فيه ((رأي)) والرأي مدرجة الظن والخطأ والصواب.
أما إذا كان بحكم صادر عن اجتهاد فلا يقال فيه: ((رأي الدين)) ولكن يقال: ((رأي المجتهد)) أو ((العالم))؛ لأن المختلف فيه بحق، يكون الحق فيه في أحد القولين أو الأقوال [(1)].
وانظر بحثاً مهماً في كتاب ((تنوير الأفهام لبعض مفاهيم الإسلام)) للشيخ محمد بن إيراهيم شقرة ص / 61 – 73. [(2)]) انتهى.
(1) سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: عن حكم الدين في ... ؟.
فأجاب -حفظه الله – بقوله: أولاً أنا أكره أن يُوَجّه للشخص مثل هذا السؤال، بأن يقال: " ما حكم الدين، ما حكم الإسلام، وما أشبه ذلك "؛ لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب، ونحن إذا قلنا: إنه يعبر عن الإسلام، معناه: أنه لا يخطئ؛ لأن الإسلام لا خطأ فيه. فالأولى في مثل هذا التعبير أن يُقال: ما تَرى في حكم من فعل كذا وكذا؟ أو ما ترى فيمن فعل كذا وكذا؟، أو ما ترى في الإسلام هل يكون كذا وكذا حكمه؟. المهم أن يُضاف السؤال إلى المسؤول فقط) انتهى.
(2) جاء فيه:
التبيين في مسألتي حكم الدِّين ورأي الدِّين:
كانت جريدة الدستور الغراءُ قد نشرت لي مقالاً بعنوان: (رأي الإسلام في الإجهاض).
وعجبت أشد العجب وأنا أقرأ هذا العنوان، الذي ما خطر ببالي يوماً أن أختاره عنواناً لمقالي هذا أو لغيره.
ولعل جميع القراء -وبخاصة الذين عرفوني من قرب- يعرفون هذا عني، لذا فقد اتصل بي عدد منهم يسألونني، لِمَ اخترت هذا العنوان؟! وهل يجوز شرعاً أن يعنون بكلمة (رأي الدين) أو (رأي الإسلام) أو (رأي الشرع)؟!
وإذا كان السائِلون قد عرفوا أنني لم أختر هذا العنوان لمقالي هذا، وأنه كان من تصرف إدارة التحرير، وأنه لم يكن منهم عن سوء قصد، فإن مئات القراء الذين لم يسألوا قد ظنُّوا صواب هذا العنوان، وعدوا سكوتي وعدم تعقيبي عليه فتوى بجواز استعمال كلمة (رأي الإسلام) وجعلها مرادفةً لكلمة (حكم الإسلام).
وبياناً للحقيقة، وإظهاراً لوجه الصواب إن شاءَ الله، وكشفاً لأمر خافٍ على الناس، فلا بدَّ من تعقيب على هذا العنوان، حتى وإن جاءَ متأخراً، فإن لكل أجل كتاباً، وعسى أن يكون في هذا التأخير شيءٌ من الفائِدة لمن يحرص على معرفة الحق، ولا يحرص إلا عليه فقط، وإن كان يحرص على معرفة الباطل فلأجل اجتنابه والبعد عنه.
• أولاً:
اعتاد كثير من الذين يعنون بالكتابة، التساهل في إيراد بعض الألفاظ والمصطلحات، فيما يكتبون، إما أن يكون ذلك منهم من باب خفاءِ الأمر عليهم، وإما أن يكون من باب مجاراة العامَّة عن غير قصد منهم لذلك، وإما من باب الأخذ بالشائع وإن كان باطلاً، ونبذ المهجور وإن كان حقّاً، وليس من هذه الثلاثة شيءٌ يصلح أن يكون مستنداً لأولئِك، فيأخذوا به راغبين عما هو صواب ظاهر الصواب، والذي يتتبع ما كتب أُولئِك الكتاب فسوف يجمع الكثير من هذه الألفاظ والمصطلحات، ليخرجها للناس مجموعة، مبيناً زغلها، وغربتها عن جواهر الإسلام. ومن هذه الألفاظ والمصطلحات التي شاعت: (رأي الدين)، أو (رأي الإسلام)، أو (رأي الشرع).
• ثانياً:
¥