تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأشاعرة والماتريدية هم أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي الذين عاشا في لب عصر السلف، والذين قيض الله عز وجل منهم سبيلاً للقضاء على المعتزلة والجهمية والمرجئة والحشوية والقدرية إلى آخر من هنالك؛ لأنهم أولوا بعض الصفات في محاولتهم الدفاع عن الإسلام من هجوم الفلاسفة. فقد كان الإمام أبو الحسن الأشعري إمام السنة فى عصره. رد على المعتزلة، و فنَّد شبهات الفلاسفة التى أثاروها ضد الإسلام. وإنما اضطُرَّ الإمام الأشعرى إلى التأويل اضطرارا. فلا نقولُ إلا أنه رحمه الله قد اجتهد فأخطأ. و الراجحُ أنه رجع فى آخر حياتِه عن مذهبِه إلى مذهب أهل الحديث كما في كتابه الإبانة ..

وأرى والله أعلم أن القول بتبديع وتكفير الأشاعرة يؤدي إلى الشقاق والفرقة، بل إلى استثارة الفتنة؛ لأن عقيدتهم متغلغلة بين السواد الأعظم من المسلمين؛ فكيف يقال بهلاكهم وكفرهم، فإن الأشعري قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه, وقد لا يكون بلغته الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته.

أقول هذا الكلام؛ لأن هذا السواد الأعظم وتلك القاعدة العريضة من المسلمين قد لا يعتقدون في مذهب الأشاعرة إلا باب الصفات ليس إلا، ولا يخوضون فيما خاض فيه الأشاعرة تفصيلا، ويتسمون بأن عقيدتهم خليط بين عقيدة السلفيين والأشاعرة، ولا أكون مبالغا عندما أقول بأنهم قد يكونون أقرب إلى السلفية من الأشعرية أنفسهم.

فلا يمكن إطلاق الحكم؛ لأن في هذا الزمان الذي نعيش فيه لا يوجد تعريف محدد ودقيق للأشاعرة يجمعهم في صعيد واحد.

وتكفير المسلم كفرد له من الضوابط الشرعية ما قد حدده العلماء، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والقاضي ابن عياض:

حيث يرى شيخ الإسلام ابن تيمية الذي أن المجتهد المتأول في اجتهاده يثاب عليه: "وعلى هذا فالمتأول الذي أخطأ في تأويله في المسائل الخبرية والأمرية وإن كان في قوله بدعة يخالف بها نصاً أو إجماعاً قديماً وهو لا يعلم أنه يخالف ذلك، بل أخطأ فيه كما يخطى ء المفتي والقاضي في كثير من مسائل الفتيا والقضاء باجتهاده، يكون أيضاً مثاباً من جهة اجتهاده الموافق لطاعة اللَّه ... فلهذا يوجد أئمة من أهل العلم والدين من المنتسبين إلى الفقه والزهد يذمون البدع المخالفة للكتاب والسنّة في الاعتقادات والأعمال، من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف ونحوهم، وإن كان في أولئك من هو مجتهد له أجر في اجتهاده وخطؤه مغفور له". الفتاوى الكبرى ج5، ص570، 571.

وقال القاضي أبو الفضل عيّاض: "ذهب أبو المعالي رحمه اللَّه في أجوبته لأبي محمد عبد الحق وكان سأله عن المسألة فاعتذر له أن الغلط فيها يصعب لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين، وقال غيرهما من المحققين: الذي يجب الاحتراز من التكفير في أهل التأويل فإن استباحة دماء المصلين الموحدين خطر، والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم واحد، وقد قال (صلى الله عليه وسلم): "فإذا قالوها -يعني الشهادة- عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللَّه"، فالعصمة مقطوع بها مع الشهادة، ولا ترتفع ويستباح خلافها إلا بقاطع ولا قاطع من شرع ولا قياس عليه". الشفا بتعريف المصطفى ج2، ص277، 278.

ومن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية كذلك: "وإن الأشعرية أقرب إلى السلف والأئمة وأهل الحديث ... وأما الانتساب فانتساب الأشعري وأصحابه إلى الإمام أحمد خصوصاً وسائر أئمة أهل الحديث عموماً، ظاهر مشهور في كتبهم كلها ... ولكن الأشعري وسائر متكلمة أهل الإثبات مع أئمة السنّة والجماعة يثبتون الرؤية ويقولون القرآن غير مخلوق ويقولون إن اللَّه حي بحياة عالم بعلم قادر بقدرة". الفتاوى الكبرى، ج5، ص512، 513.

وهذا ما عليه عامة الأشعرية اليوم من السواد الأعظم.

ويترتب عليه:

- عدم تكفير المسلم إن أخطأ في فهم مسألة متعلقة بالدين، حتى تزال شبهته وتقام عليه الحجة. – عدم تكفير المتأول المسلم، وإن أخطأ في اجتهاده، وكذلك لا يفسق ولا يأثم، بل يثاب على اجتهاده الموافق للحق، وإن كانت المسألة خلافية لما تفضلتم بذكره جزاكم الله خيرا.

- الحذر في إصدار حكم التكفير على المسلم، لأن دماءهم وأموالهم معصومة بقول واعتقاد الشهادة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير