تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما الأول وهو (التوحيد في الصفات) فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا ; فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه. وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه ولا في آياته

وهذا توضيح المنهج في الأصل الأول.

ثم قال بعد كلام طويل:

وأما الأصل الثاني (وهو التوحيد في العبادات) المتضمن للإيمان بالشرع والقدر جميعا. فنقول: لا بد من الإيمان بخلق الله وأمره فيجب الإيمان بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وأنه على كل شيء قدير وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله وقد علم ما سيكون قبل أن يكون وقدر المقادير وكتبها حيث شاء ........................... ويجب الإيمان بأن الله أمر بعبادته وحده لا شريك له كما خلق الجن والإنس لعبادته وبذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له وذلك يتضمن كمال طاعته ........................ فأمر الرسل بإقامة الدين وأن لا يتفرقوا فيه ....... وهذا الدين هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره لا من الأولين ولا من الآخرين ......... فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده ; فمن استسلم له ولغيره كان مشركا ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده. فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ; وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت .................................................. ............. فبين أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا كفر ومعلوم أن أحدا من الخلق لم يزعم أن الأنبياء والأحبار والرهبان والمسيح ابن مريم شاركوا الله في خلق السموات والأرض. بل ولا زعم أحد من الناس أن العالم له صانعان متكافئان في الصفات والأفعال. بل ولا أثبت أحد من بني آدم إلها مساويا لله في جميع صفاته بل عامة المشركين بالله: مقرون بأنه ليس شريكه مثله بل عامتهم يقرون أن الشريك مملوك له سواء كان ملكا أو نبيا أو كوكبا أو صنما

واضح جدا تلك الروابط القوية بين إثبات (الخلق والقدر) وبين طاعة (الشرع والأمر).

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[10 - 01 - 08, 08:25 م]ـ

وللإجابة على الإشكال الثاني، نقول: شيخ الإسلام قرر تلك القاعدة (إثبات مفصل ونفي مجمل) إقرارا جازما كليا من غير استثناء كما هو المشاهد في كتبه وفتاويه. وإنما نحتاج هنا إلى توضيح مقصده رحمه الله. قال:

وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد

لاحظ أنه زاد بيانا بقوله (مع إثبات ما أثبته من الصفات) ولا يكتفي بقوله: (وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه). فالنفي لم يأت قطّ منفردا، بل لا بد أن يكون مصاحبا دائما بالإثبات الذي هو أصله وضده. وهذا هو الفرق والفيصل بين النفي السني وبين النفي البدعي. هذه لعمر الله قاعدة نفيسة جدا يحل به هذا الإشكال كليًّا من أساسه، ولله الحمد والمنة.

-- يتبع بإذن الله --

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[10 - 01 - 08, 09:03 م]ـ

ثم قال شيخ الإسلام:

والله سبحانه: بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل. فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل

فالنفي هو ما كان من التمثيل بالمخلوقات الناقصات.

وهذا مباسب لما أورده بعد ذلك من الآيات:

- {هل تعلم له سميا} أي نظيرا يستحق مثل اسمه،

- {لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد}

- {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}

- {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله}

- {وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم}

- {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة}

- {ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك}

- {فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون}

- {ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير