تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون}

فالسميّ والندّ والكفؤ والوالد والولد والصاحبة والنسيب والشركاء والبنين والنبات: كلها من باب المثيل والشبيه الذي يتنزه الرب عنه، كما قال الشيخ: (ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل). ولذلك علّق عند قول الله تعالى: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين) بقوله: " فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ". وزاد توضيحا لبيان أن استحقاق الرب المحامد هو لأجل ما ثبت له من الصفات الموجودة، لا لمجرد سلامته من النقائص السلبية، فقال رحمه الله: (إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات). ثم بعد سرد الآيات والأحاديث في ذلك، قال: (فإن في ذلك من إثبات ذاته وصفاته على وجه التفصيل وإثبات وحدانيته بنفي التمثيل ما هدى الله به عباده إلى سواء السبيل). فنفي التمثيل إنما يقصد به إثبات الوحدانية، أي انفراد الرب بالأوصاف الكمالية سبحانه وتعالى. قال شيخ الإسلام:

فهذه طريقة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وأما من زاغ وحاد عن سبيلهم من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة والجهمية والقرامطة والباطنية ونحوهم: فإنهم على ضد ذلك يصفونه بالصفات السلبية على وجه التفصيل ولا يثبتون إلا وجودا مطلقا لا حقيقة له عند التحصيل

وبين الشيخ أن أصل وحقيقة المعطلون والمشبهون هو الإلحاد والتمثيل - أي إلحاد ما أثبت الله ورسوله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وتمثيل الله تعالى بالنقائص أو المعدومات أو حتى الممتنعات. ومما قال رحمه الله:

فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي مماثلته بخلقه فمن قال: ليس لله علم ولا قوة ولا رحمة ولا كلام ولا يحب ولا يرضى ولا نادى ولا ناجى ولا استوى: كان معطلا جاحدا ممثلا لله بالمعدومات والجمادات ومن قال له علم كعلمي أو قوة كقوتي أو حب كحبي أو رضاء كرضاي أو يدان كيداي أو استواء كاستوائي كان مشبها ممثلا لله بالحيوانات ; بل لا بد من إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[10 - 01 - 08, 09:26 م]ـ

وقرر شيخ الإسلام في (الخاتمة الجامعة) أن كل نفي مما يتعلق بالله لا بد أن يتضمن مدحا وإثباتا للكمال. قال رحمه الله:

وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتا وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال ; لأن النفي المحض عدم محض ; والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء ; فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال. فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح.

وأكد هذا الأمر بقوله:

وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها. وإذا تأملت ذلك، وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه

فقوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} متضمن كمال حياته وقيوميته؛

وقوله: {ولا يؤوده حفظهما} مستلزم لكمال قدرته وتمامها؛

وقوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض} مستلزم لشمول علمه؛

وقوله: {وما مسنا من لغوب} دل على كمال القدرة ونهاية القوة؛

وقوله: {لا تدركه الأبصار} متضمن لإثبات عظمته بحيث لا يحيط به الراؤون له.

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[10 - 01 - 08, 09:55 م]ـ

ومما ينبه في هذا الصدد:

أن شيخ الإسلام قال: (فطرق العلم بنفي ما ينزه عنه الرب متسعة لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم كما فعله أهل القصور والتقصير)، ومراده بذلك أن النفي لا يأت من مجرد الظن باستلزامه التشبيه، كمن نفي عنه تعالى العلم والقدرة لظنه أن فيه تشبيها بالعلماء والقادرين، وكمن نفى عنه تعالى السمع والبصر لظنه أن فيه يشبيه بالسامعين والمبصرين، وكمن نفى عنه الوجه واليد لظنه أن في ذلك يشبيه وتجسيم، وكذلك من نفى عنه الاستواء والنزول والعروج والفرح والغضب والضحك والتعجب لمجرد أمثال هذه الظنون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير