تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واللهِ العظيمِ. . إن في الاهتمام بأسماء الله تعالى وصفاته - على نهج أهل السنة والجماعة - لحلاوة عظيمة يعجز اللسان عن تعبيرها وترجمتها. فإنه أساس الذكر والعرفان، والعبادة والإحسان، وكلها جنة المؤمن في الدارين كلَّ حين وآن. فنسأل الله تعالى أن يجمعنا مع هؤلاء الصديقين والصالحين في الدنيا والآخرة. . . آمين يا رب العالمين!

ـ[أبو محمد]ــــــــ[19 - 01 - 08, 10:22 ص]ـ

من جميل الموضوعات في هذا الملتقى الماتع هذا الموضوع القيم .. ولعلي أضيف شيئا من التتمات على ما تفضل به مشايخنا الكرام .. وإن كان لا عطر بعد عروس!

أولا: قاعدة أهل السنة التي جاء بها القرآن وسار عليه الرسل وأتباعهم: الإثبات المفصل والنفي المجمل .. وهذه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: (من أبلغ العلوم الضرورية: أن الطريقة التي بعث الله بها أنبياءه ورسله وأنزل بها كتبه مشتملة على الاثبات المفصل والنفي المجمل) الفتاوى الكبرى 6/ 337

ولكن عند التأمل في النصوص نجد أنه قد ورد فيها صفات منفية مفصلة -أي نقائص وعيوب بخصوصها- ..

وهذه النصوص كثيرة .. جمع منها أحد الباحثين -الشيخ أرزقي سعيداني- في القرآن أكثر من ثلاثين صفة، ومن السنة نحو عشر صفات .. انظر: كتابه: النفي في باب صفات الله عز وجل (وهو من أفضل المراجع في هذا الموضوع).

فهل هذا الأمر يعد قادحا في التقرير السابق؟

الجواب بالتأكيد: لا ..

وينبغي أن يلاحظ ابتداء أن الصفات المثبتة أكثر من الصفات المنفية بما لا مقارنة فيه بين هذه وهذه .. وهذه قضية مهمة ينبغي ملاحظتها في هذا الموضع.

وأما الجواب فيظهر من وجوه:

أولا: أن هذه القاعدة أغلبية لا مطردة .. وقد نبه على هذا الشيخ الهراس في شرحه على الواسطية، والشيخ ابن عثيمين في تقريب التدمرية والشيخ البراك في شرحه على التدمرية وغيرهم.

ثانيا: أنه يمكن توجيه هذه القاعدة باعتبارها مطردة إذا لاحظنا أنه لم يأت النفي في الصفات صرفا قط .. بمعنى: لا يوجد في الصفات صفة مفصلة منفية محضة؛ بل كل صفة منفية تتضمن إثبات كمال ضدها .. وعليه فالقاعدة مطردة.

ثالثا: يمكن توجيه القاعدة باعتبارها مطردة من وجه آخر .. وهو أن كل نفي مفصل فهو يؤول إلى النفي المجمل.

(وما ذكره أحد الأفاضل هنا من أن النفي كله مجمل -حتى في الصفات المفصلة- ليس بدقيق؛ وإنما يقال: هي مفصلة لكنها تؤول إلى النفي المجمل).

ووجه ذلك: أن جميع الصفات المنفية راجعة إلى أمرين:

1 - نفي النقائص والعيوب وما يناقض كماله سبحانه.

2 - نفي مماثلة مخلوق له في شيء من صفات كماله.

فثبت حينئذ أن النفي في الصفات مجمل -إما نصا وإما مآلا- وهذا هو المطلوب ..

ثانيا: هذه الجزئية الأخيرة تصلح ضابطا مهما ينبغي التنبه له في هذا السياق، ولعله قد أشار إليه المشايخ في مداخلاتهم .. وهو أن الصفات المنفية -إجمالا وتفصيلا- راجعة إلى الأمرين السابقين ..

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (فالذي ينفى عنه وينزه عنه إما أن يكون مناقضا لما علم من صفاته الكاملة؛ فهذا ينفى عنه جنسه ... والنوع الثاني: أنه منزه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته) الفتاوى 16/ 425 - 426

ويقول ابن القيم: (فعاد النفي الصحيح إلى نفي النقائص والعيوب، ونفي المماثلة في الكمال) الصواعق 3/ 1024

وقد فصلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تقريب التدمرية أكثر .. فجعلها ثلاثة أشياء: نفي كل صفة عيب كالعمى والصمم، ونفي كل نقص في كماله كنقص علمه أو قدرته، ونفي مماثلة المخلوقين.

ثالثا: لمعرفة ما ينفى عن الله تعالى طريقان: الأولى: أن يرد النفي في الكتاب والسنة.

الثانية: أن يرد فيهما إثبات الصفة؛ فينفى عن الله ما يناقضها.

وقد قعد شيخ الإسلام رحمه الله هذه القاعدة في التدمرية كما مضى .. وقعدها أيضا في قوله: ( ... الثانى: أن أشياء لم يرد الخبر بتنزيهه عنها و لا بأنه منزه عنها لكن دل الخبر على إتصافه بنقائضها فعلم إنتفاؤها؛ فالأصل أنه منزه عن كل ما يناقض صفات كماله و هذا مما دل عليه السمع و العقل) الفتاوى 16/ 431

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير