فصححه بهذا الإسناد.
وحسّن هذه الرواية أيضا الإمام أبو بكر البزار (3) وصححها ابن السكن
وفي العلل للدارقطني (1047) (6/ 166)
" سئل عن حديث جابر بن عبد الله عن أبي قتادة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل
القبلة، فقال:
كذلك ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن أبي قتادة، وليس بمحفوظ، والحديث مشهور عن جابر بن عبد الله عن النبي، يرويه محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها " ا. هـ
ويتلخص من كل ما تقدم أن إسناد ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر، والذي ساق لنا أن المعتمد عند الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو جعل الصلاة فرقا بين الكفر والإيمان، هو إسناد محفوظ متصل عند أئمة الحديث، كما جاء عن الإمام البخاري، وتلميذه الترمذي [ويدل عليه تعليقه في العلل]، وتابعهم أبو داود بسكوته عنه، والإمام الدارقطني، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبزّار، وابن السكن، وكذا العلامة الألباني عندما حسن إسناده في صحيح الترغيب (367).
وأما أن رواية مجاهد عن جابر متصلة، فإضافة لهؤلاء فقد حكم باتصالها الأئمة الأوائل القريبون من مجاهد، كما في حكاية يحيى بن سعيد القطان عنهم، وأيضا الإمام ابن عبد البر، وأخيرا الحافظ ابن حجر، وقد تقدم كل هذا.
ومن كل ما تقدم تعلم أن قول الإمام البرديجي ـ عن أحاديث مجاهد التي يرويها عن جابر ـ لا يصح فقد جاء عنه أنه قال:
" وأحاديث مجاهد عن جابر ليس لها ضوء، إنما هي من حديث ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن
مجاهد ومن حديث ليث بن أبي سليم عنه " ا. هـ
ولعله يريد أنها ليست سماعا مباشرا، أو علم أنه لم يسمع منه فحكم على الرواية مطلقا بعدم الثبوت والله أعلم.
وقد سبق في كلام يحيى القطان عن الأئمة أنها صحيفة، وهم أئمة هذا الشأن، وحُذّاق هذا الفن، ويكفي حكمُ أئمة العلل بعدهم بالاتصال وأن إسناده محفوظ،كالبخاري والترمذي والبزار وابن حبان والدارقطني وابن عبد البر.
ولمجاهد عن جابر عدة أحاديث لم أجد أحدا أعلها بالانقطاع بين مجاهد وجابر، وإذا وجدت إعلالا فهو عمن دون مجاهد كما فعل ابن عبد البر في التمهيد (1/ 312) والزيلعي في نصب الراية (2/ 166)
فالأثر صحيح بإذن الله.
وهو صريح ظاهر في الدلالة على أن السائد في عهد رسول الله، والمستقر بين أصحاب رسول الله هو كفر تارك الصلاة، كفرا أكبر مخرجا عن الملة.
فأما نسبة هذا إلى الصحابة فهو ظاهر من قوله: " عندكم ... في عهد رسول الله ".
وأما أن الكفر المذكور هو الأكبر فهو ظاهر من قوله: " ما كان يفرق بين الكفر والإيمان "
فهذا تعبير لا يمكن أن يحمل على الكفر الأصغر بحال، ثم إنه يلزم من حمله على الكفر الأصغر لوازم باطلة ظاهرة البطلان، إذ يلزم القول عندها بأن الصحابة لا يعتبرون عملا من الأعمال تركه كفرا أصغر إلا الصلاة.
وهذا باطل، فهم يرون أن ترك الحج من الكفر الأصغر، وكذا ترك الصوم.
ومن الظاهر أيضا في الأثر أنه تكلم عن موقف الصحابة من الأعمال التي تعتبر كفرا أكبر، وبالتالي تكون فرقا بين الكفر والإيمان، ولم يتكلم عن واقع المصلين من غيرهم، ولا عن الوضع القائم في
عهدهم عن واقع المستحبين بفعل الصلاة من غيرهم، فالسؤال الوارد في الأثر عن الأعمال لا العُمّال، وعن الكفر والإيمان لا عن الكفار والمؤمنين.
والأمر واضح: ما هي الأعمال التي كنتم ترون أنها من الإيمان وتركها يوجب الكفر (4)، فتكون بهذا فرقا بين الكفر والإيمان؟
ونظير هذا قول جابر في رواية أخرى عنه:
فقد سأله رجل أكنتم تعدون الذنب فيكم شركا؟
قال لا. وسئل: ما بين العبد وبين الكفر؟ قال: ترك الصلاة
¥