ثانيا: رواية بشر عن أيوب سماعا.
فقد جاء التنصيص بالسماع منه في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 547) (2276)
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم:
نا علي بن الحسن قال: سمعت علي بن عثمان اللاحقي يقول: نا بشر بن المفضل قال: " سمعت أيوب يثني على جرثومة "
يعني جرثومة بن عبد الله النساج
وهذا إسناد صحيح متصل، علي بن الحسن هو الهسنجاني له ترجمة في الجرح والتعديل (6/ 181) (992) روى عنه ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل في أكثر من خمس وثلاثين ومائة موطن، أما في كتاب التفسير فقد روى عنه في قرابة السبعين موطنا.
هذا بالنسبة للمواطن التي يصرح فيها بنسبته: (الهسنجاني)، وقد روى عنه في أكثر من ذلك دون أن ينسبه كما في الإسناد السابق، و إنما يقول حدثنا علي بن الحسن، ويتبين من خلال شيوخه في تلك الأسانيد، ولا يوجد من يحمل هذا الاسم من شيوخه سوى الهسنجاني الذي أكثر عنه وقد قال عنه بنفسه في الجرح والتعديل:
" كتبنا عنه وهو ثقة صدوق "
وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال أن علي بن الحسن الهرثمي قد روى عنه ابن أبي حاتم، ولم أجد له ذكرا في الجرح والتعديل، فلم يرو عنه في أية رواية حسب تتبعي، وإنما روى عنه ابن أبي حاتم في موطن واحد في كتاب التفسير (1415) ووقع فيه مصحفا: " علي بن الحسين الهرثمي "، فالقاعدة عند أهل العلم أنه:
إذا جاء اسم الراوي مشتركا في طبقة من الطبقات بين اثنين، فيحمل على من أكثر عنه، أو الأشهر.
وهنا علي بن الحسن الهسنجاني هو الأشهر، فهو تلميذ الإمام أحمد وابن معين وأحمد بن صالح ونعيم بن حماد، وهو الذي روى عنه ابن أبي حاتم أكثر، فقد روى عنه في كتبه مئات المرات، إما مصرحا بنسبته، وإما غير مصرح ولكنه يتميز من خلال شيوخه، فعلي بن الحسن الهسنجاني قد روى عن الأئمة كأحمد بن حنبل، روى عنه الكثير من الروايات المتعلقة بالتراجم، وكذلك عن ابن معين وعن أحمد بن صالح ونعيم بن حماد
فروى عنه ابن أبي حاتم من روايته عن هؤلاء الأئمة، تارة مهملا: " علي بن الحسن" فقط وتارة ينسبه: " علي بن الحسن الهسنجاني " هذا بالنسبة لكتابه الجرح والتعديل.
وهكذا فعل أيضا في التفسير، تارة يروى عنه مهملا من روايته عن مسدد وسعيد بن أبي مريم وأبي الجماهر محمد بن عثمان في عشرات المواطن، وتارة يروى عنه بالصورتين في روايات متوالية كما في التفسير (6710ـ6711) و (14100ـ14101) من روايته عن مسدد.
بخلاف الهرثمي فلم أقف إلا على رواية واحدة عنه وجاءت مصرحة
فعلي بن الحسن في إسناد الرواية السابقة هو الهسنجاني الثقة الصدوق
وشيخه علي بن عثمان اللاحقي وثقه أبو حاتم كما في اللسان (659) وقال الحافظ:
" ثقة صاحب حديث ... وما كان ينبغي للمؤلف [أي الذهبي] أن يذكر قول ابن خراش، فما هو بعمدة " ا. هـ
وقد قال ابن خراش: " فيه اختلاف "
وما هو بعمدة كما قال الحافظ، ولهذا قال عنه الذهبي في السير (10/ 568): " الإمام الثقة الحافظ "
فالإسناد صحيح
وبهذا يثبت سماع بشر من أيوب، مع أن روايته عنه بالعنعنة في أكثر من رواية تدل على الاتصال، لبراءة بشر من التدليس، ولقوة القرائن على السماع، ولكن كما يقال:
" قطعت جهيزة قول كل خطيب " فالرواية سماعا برهان قاطع على ذلك.
ومنه تعلم أن الطريقة التي سلكها عدنان عبد القادر في رسالته، لرد ما نص عليه الأئمة طريقة باطلة، لا تمت إلى أساليب أهل العلم ولا إلى طرائقهم بصلة.
فمع قلة العلم وقصوره وقلة المصادر وقفنا على رواية صحيحة تثبت سماع بشر من أيوب، فكيف بالحافظ ابن رجب وابن حجر؟ لعلهما وقفا على روايات أخرى لا نعلمها.
ثم يأتي عدنان ذلك الطالب الغر، ويتجرأ على هذين الإمامين وما نقلاه، ويسلط قلمه الجائر، ويسود صفحات كتابه بالتعسف والتأويل والتكلف الباطل، ليبطل ما أثبتوه والدليل معهم، هذا ما لا يُقبل ولا يُسكت عنه، وسيأتي بيان شيء من أباطيله في الملحق إن شاء الله.
فها هو بشر قد سمع من أيوب، وكل من سمع من أيوب فسماعه من الجريري جيد كما قال الإمام أبو داود السجستاني 0
و بالتالي فإسناد بشر صحيح، وروايته صحيحة ثابتة،كيف لا وبشر ثقة ثبت، بل جبل من جبال الحفظ، قال الإمام أحمد كما في رواية أبي بكر الأسدي عنه:
¥