" بشر بن المفضل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة " الجرح والتعديل (2/ 366)
وعن معاوية بن صالح قال:
" قلت ليحيى بن معين، من أثبت شيوخ البصريين؟ قال: بشر بن المفضل مع جماعة سماهم " الجرح و التعديل (2/ 366)
وقال ابن المديني:
" المحدثون صحفوا و أخطؤوا ما خلا أربعة: يزيد بن زريع وابن علية وبشر بن المفضل وعبد الوارث بن سعيد " تاريخ بغداد (6/ 233)
وقال ابن أبي داود سمعت أبي يقول:
" ليس من العلماء أحد إلا وقد أخطأ في حديثه إلا بشر بن المفضل وابن علية" تاريخ بغداد (6/ 233)
وقال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار " (1276):
"من أهل الإتقان"
وقال العجلي:
" ثقة فقيه البدن، ثبت في الحديث، حسن الحديث "
بالإضافة إلى توثيق الأئمة له، فروايته غاية في الصحة
وقد تابعه في رواية الأثر عن الجريري بقريب من معناه الثقةُ عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عند ابن أبي شيبة (6/ 172) بلفظ الرواية الثانية:
" ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر "
فقول عبد الله بن شقيق: " كانوا " إنما يعني به من أدركهم ممن تقدمه من شيوخه من الصحابة وغيرهم لأن الأصل في رواية الراوي أن تحمل عمن شاهدهم وأخذ عنهم،كما قرر الإمام المعلمي في رسالته
" البناء على القبور" (6)
وعبد الله بن شقيق أكثر شيوخه من الصحابة، بل أدرك منهم أكثر من مائتين تقريبا، وسمع من كبارهم كعمر وعثمان وعلي وأبي ذر.
وبهذا يجتمع لفظ عبد الأعلى ولفظ بشر في أن المراد بتلك الرواية المئات من الصحابة، فلا خلاف كبير بين اللفظين
بل قول التابعي: " كانوا " باتفاق أكثر أهل العلم إنما يحتمل أمرين:
أ - " كانوا " كل الصحابة، ويكون التابعي قد عنى بهم الصحابة جميعهم.
ب- " كانوا " من أدركهم من صحابة وتابعين.
فكلاهما محتمل، وما ذكرناه آنفا من أنه عنى من أدركهم إنما هو على التسليم بأدنى الاحتمالين، و إلا فالصواب أن يقدم الاحتمال الذي يوافق الرواية الأخرى رواية بشر، بل رواية بشر توجب حمل هذه الصيغة (كانوا) على المعنى الأول.
و لا ينبغي أن ينازَع في هذا، لأن بشرا أوثق من عبد الأعلى، وقد نص بشر بن المفضل في روايته على أن ذلك الأمر إنما هو عن الصحابة فقط، بل عن عامتهم:
" كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة "
فوجب حمل قوله: " كانوا " في رواية عبد الأعلى على ما جاء صريحا في رواية بشر، من أنهم الصحابة عامة، لأن رواية عبد الأعلى تحتمل هذا المعنى الذي نصت عليه رواية بشر، فلِمَ نقدم الاحتمال الآخر بأن المراد من أدركهم فقط من صحابة وتابعين؟ و بالتالي نفرض نحن بهذا التقديم نوع خلاف بين الروايتين؟
ولو سلمنا جدلا بهذا الاحتمال الثاني، من أن المراد برواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون ... " مَن أدركهم مِن صحابة وتابعين، وتنازلنا أكثر وجعلنا رواية بشر بن المفضل: " كان أصحاب النبي ... " على أن المراد الصحابة الذين أدركهم عبد الله بن شقيق، فلا إشكال أيضا، فابن شقيق قد أدرك المئات منهم، فلا خلاف بين الروايتين، وبشر بن المفضل وكذا عبد الأعلى كلاهما قد روى عن الجريري قبل الاختلاط، بل قال الإمام العجلي:
" وعبد الأعلى من أصحهم سماعا منه [سمع] قبل أن يختلط بثمان سنين " كما في تهذيب التهذيب
فما اتفق عليه الثقتان بشر وعبد الأعلى ثابت صحيح لا مطعن فيه.
وقد تابعهما الإمام ابن علية كما في السنة للخلال (1378) من طريق أبي بكر المروذي عن الإمام أحمد
عن ابن علية به بلفظ:
" ما علمنا شيئا من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة "
وابن علية وإن كان من الحفاظ المعروفين بالضبط إلا أنه لا يبعد كثيرا عن بشر بن المفضل فكلاهما قد اشتركا في كثير من أوصاف الحفظ والضبط، إلا أن ابن علية أرفع من بشر وخاصة في روايته عن الجريري، فهو من أثبت الناس فيه 0
وهو أرفع بلا شك من عبد الأعلى، ولكنه لا يقوى على أن يكون أرجح منهما عند اجتماعهما، وخاصة أن في الإسناد إليه أبا بكر المروذي، فهو وإن كان ثقة إلا أن تلميذه الخلال والراوي عنه هنا قال عنه ـ كما في السير ـ (13/ 175):
" وأغرب على أصحابه في دقائق المسائل "
¥