تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى أي محمل حملنا رواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون تركها كفر " فهي حجة على أنه لا فرق ما بين قبل أداة الاستثناء (غير) وما بعدها في حكاية ذلك القول عن عامة الصحابة، فإن اعتبرنا أنها زيادة

محفوظة من قول ابن شقيق فهي حجة على ذلك، وإن اعتبرناها زيادة من عبد الأعلى قالها يوضح بها معنى الأثر فكذلك هي حجة، لأن الراوي أدرى بمرويه من غيره.

وهل يجسر عاقل على تخطئة عبد الأعلى في فهمه لهذا الأثر ليزعم خلاف قوله وبما لم يقل به أحد من الأئمة؟!

هذا ما لا يستقيم

فسياق بشر على كل حال دال على عدم التفريق بين ما قبل الاستثناء وما بعده في نسبة ما جاء في الأثر إلى عامة الصحابة.

وعلى نسقه ووزنه ما جاء في مراتب الإجماع لابن حزم ص (17) حيث قال:

" واتفقوا أن الماء الراكد إذا كان من الكثرة بحيث إذا حرك وسطه لم يتحرك طرفاه ولا شيء منهما فإنه لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته " ا. هـ

فما قبل الاستثناء وما بعده داخل في الاتفاق بلا خلاف.

وأيضا ما جاء في الإجماع لابن المنذر ص (50) رقم (155) حيث قال رحمه الله:

"وأجمعوا على أن المرأة ممنوعة مما منع منه الرجال في حال الإحرام إلا بعض اللباس "

فالإجماع هنا شامل أيضا.

وأيضا في الإجماع ص (48) رقم (136) حيث قال:

"وأجمعوا أن على المرء في عمره حجة واحدة، حجة الإسلام، إلا أن ينذر نذرا فيجب عليه الوفاء به " ا. هـ

وأيضا ص (47) رقم (130) قوله:

" وأجمعوا على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا، إلا أن يوجبه المرء على نفسه فيجب عليه " ا. هـ

وفي مراتب الإجماع ص (38) قال:

" واتفقوا على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول، حاشا الزرع والثمار، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط " ا. هـ

ففي كل الأمثلة السابقة جاءت حكاية الإجماع والاتفاق شاملة لما قبل الاستثناء ولما بعده، وهي للتمثيل لا للاحتجاج.

ومن كل ما تقدم تعلم بطلان قول الأستاذ عدنان بأن سياق رواية بشر عن الجريري: " كان أصحاب النبي ... "، إنما يدل على اتفاق الصحابة في مسألة الأعمال فقط، وأنه لا شيء منها يكفر بتركه، فالاتفاق خاص بشطر الأثر الأول، أما شطره الثاني وهو ترك الصلاة فالخلاف جارٍ فيه، أو أنه محتمل للاتفاق ومحتمل للخلاف.

فأجرى الإجماع الذي دل عليه الأثر، فيما قبل أداة الاستثناء من مسألة ترك الأعمال، أما ما بعد أداة الاستثناء من ترك الصلاة فالخلاف فيه جار أو محتمل.

هذا القول الذي ادعاه مَن لم ينصف وآثر الاستكبار والتعسف، قد اجتمعت فيه أمور أوجبت بطلانه، منها:

1ـ أنه قول محدث لم يقل به أحد من أهل العلم من قَبل، باعتراف مدّعيه كما سيأتي.

2ـ أنه مخالف لقول أهل العلم قاطبة ممن استدلوا بالأثر على كفر تارك الصلاة، وممن تأولوه على الكفر الأصغر، وممن استدلوا به على الإجماع كشيخ الإسلام ابن تيمية وقد سبق ذكر بعضهم

3ـ أنه مخالف لقول راوي الأثر عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حيث ساق الأثر بلفظ صريح في نقل الاتفاق على ما بعد الاستثناء من ترك الصلاة أيضا.

هذا إن سلمنا بما ادعاه ذلك المؤول، من أن رواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون تركها كفر "، الدالة على الاتفاق في الصلاة أيضا، إنما هي من قوله لا من صميم الأثر، أما إن اعتبرنا أن رواية عبد الأعلى

هي من ضمن الأثر فزيادته قاضية للنزاع حيث جاء في روايته: " ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة قال: كانوا يقولون تركها كفر"

فقوله: " غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر " على أي محمل حملناها فهي دليل على بطلان ذلك التأويل من صاحبه، وأن الأثر لا يحتمل نقل الخلاف في مسألة الصلاة، بل الاتفاق شامل لقولهم في الأعمال ولقولهم في الصلاة

وقوله: " قال: كانوا يقولون ... " (قال) الأصل في المراد بها صاحب الأثر ابن شقيق وبالتالي فهي من صلب الأثر، إما لفظا ومعنى، وإما معنى فقط والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير