تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" لما طعن عمر رضي الله عنه احتملته أنا ونفر من الأنصار، حتى أدخلناه منزله، فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر، فقلنا: الصلاة يا أمير المؤمنين!

ففتح عينيه فقال: أصلى الناس؟

قلنا: نعم

قال: أما إنه لاحظ في الإسلام لأحد ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب دما " ا. هـ

والشاهد قوله: " لا حظ في الإسلام لأحد ترك الصلاة "

والحظ هنا بمعنى النصيب، كما هو في قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين)

وكذا في قوله صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين سألاه من الصدقة، فقال لهما:

" إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب " (9)

وقول جبريل عليه السلام في قصة شق صدر الرسول عندما ما أخرج العلقة منه:

" هذا حظ الشيطان منك " (10)

فالمراد في الأثر مطلق النصيب، أي لا نصيب مطلقا في الإسلام لمن ترك الصلاة.

لأن لفظة: " حظ " في الأثر نكرة جاءت في سياق النفي فتعم كل نصيب، وبالتالي فظاهر الأثر ينفي أي نصيب في الإسلام لمن ترك الصلاة، وليس وراء الإسلام إلا الكفر

نعم قد تأتى لفظة حظ بمعنى النصيب الوافر والمطلق لا مطلق النصيب، فيختلف معناها عما سبق

وإلى هذا أشار ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 235) حيث قال:

" وأما قول عمر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فالحظ: النصيب، يقول: لا نصيب في الإسلام وقوله يحتمل وجهين:

أحدهما: خروجه من الإسلام بذلك

والآخر: أنه لا كبير حظ له في الإسلام " ا. هـ

والظاهر من الأثر هو الأول (خروجه من الإسلام) على أن النفي لمطلق النصيب، لا نصيب مطلقا في الإسلام، وقد دل على هذا السياق من مجيء لفظة حظ نكرة منفية.

و إلى اعتبار أن هذا المعنى هو الظاهر من لفظ الأثر ذهب الإمام ابن عبد البر نفسه في كتابه التمهيد

فقد ذكر الأثر ضمن أدلة المكفرين لتارك الصلاة (4/ 225) ثم ذكر تأويل المانعين من التكفير لهذه الأدلة على أن الكفر المراد هو الغير مخرج من الملة فقال عندها:

" وعلى نحو ذلك تأولوا قول عمر بن الخطاب: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قالوا: أراد أنه لا كبير حظ له، ولاحظا (كذا) كاملا له في الإسلام، ومثله قول ابن مسعود وما أشبهه " ا. هـ

فقوله: " تأولوا " وذكرُه للأثر قبلَها ضمن أدلة المكفرين، ومماثلته بقول ابن مسعود: " تركها كفر" الظاهر بلا خلاف في التكفير، كل هذا اعتراف من الإمام ابن عبد البر بأن ظاهر الأثر في تكفير تارك الصلاة كما سبق، بل قوله: " تأولوا " وحده صريح في إثبات ذلك، إذ لا يقال إلا لما هو خلاف الظاهر.

وإلى أن أثر عمر ظاهر في تكفير تارك الصلاة ذهب أهل العلم.

فقد استدل به الإمام أحمد على تكفير تارك الصلاة كما في المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة (501) فجاء فيه:

" قال الحسن بن علي الإسكافي: قال أبو عبد الله في تارك الصلاة: لا أعرفه إلا هكذا، من ظاهر الحديث، فأما من فسره جحودا فلا نعرفه، وقد قال عمر رضي الله عنه: حين قيل له: الصلاة، قال: لاحظ في الإسلام لمن تركها " ا. هـ

وقال شيخ الإسلام في شرح العمدة (4/ 83):

" إن قول عمر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، أصرح شيء في خروجه عن الملة " ا. هـ

فلم يعتبره شيخ الإسلام من قبيل الظاهر فقط، بل هو أقوى من هذا، وظاهر العبارة أن الأثر لا يحتمل

غير التكفير (11)

وقال العلامة السيوطي في تنوير الحوالك بشرح موطإ مالك (1/ 48):

" لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، أخذ بظاهره من كفر بترك الصلاة تكاسلا، وهو مذهب جمع من الصحابة، وبه قال أحمد وإسحاق، ومال إليه الحافظ المنذري في ترغيبه " ا. هـ

فنص على أن ظاهره في تكفير تارك الصلاة، بل الأئمة الذين رووا هذا الأثر في مصنفاتهم لم يبوبوا للأثر إلا بذلك.

فالإمام محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة ص (569) قال:

(باب ذكر إكفار تارك الصلاة) ثم ذكر الأثر ضمن هذا الباب

والإمام الدارقطني في سننه قال:

(باب التشديد في ترك الصلاة وكفر من تركها)

وذكر أول ما ذكر أثر عمر: " لا حظ في الإسلام ... " ثم تلاه بالأدلة الأخرى الصريحة في كفر تارك الصلاة

وكذا الإمام الآجري في كتابه الشريعة قال:

(باب كفر من ترك الصلاة) ثم ذكر ضمن الباب أثر عمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير