تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيا عجباً لهؤلاء القوم يكفرونه ثم يدعون أنهم وإياه على مذهب واحد ويشملهم جميعاً اسم "السنة والجماعة"!! وإذا كانت كتب الأشاعرة تتبرأ من "الحشوية والمجسمة والنابتة" وغير ذلك مما يلقبون به أهل السنة والجماعة فكيف يكونون وهم سواء!!

ثالثاً: كان بودي أن يفصل الشيخ معنى مصطلح أهل السنة ودخول الأشاعرة فيه أو عدمه وهي التي يدندن حولها الصابوني، وأنا أوجز جداً فأقول:

إن مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق ويراد به معنيان:

(أ) المعنى الأعم: وهو ما يقابل الشيعة فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السنة والشيعة، مقلما عنون شيخ الإسلام كتابه في الرد على الرافضي "منهاج السنة" وفيه بين هذين المعنيين (6) وصرح أن ما ذهبت إليه الطوائف المبتدعة من أخل السنة بالمعنى الأخص.

وهذا المعنى يدخل فيه كل من سوى الشيعة كالأشاعرة. لاسيما والأشاعرة فيما يتعلق بموضوع الصحابة والخلفاء متفقون مع أهل السنة وهي نقطة الاتفاق المنهجية الوحيدة كما سيأتي.

(ب) المعنى الأخص: وهو ما يقابل المبتدعة وأهل الأهواء وهو الأكثر استعمالا كتب الجرح والتعديل فإذا قالوا عن الرجل أنه صاحب سنة أو كان سنياً أو من أهل السنة ونحوها فالمراد أنه ليس من إحدى الطوائف البدعية كالخوارج والمعتزلة والشيعة وليس صاحب كلام وهوى.

وهذا المعنى لا يدخل فيه الأشاعرة أبدا بل هم خارجون عنه وقد نص الإمام أحمد وابن المديني على أن من خاض في شيء من علم الكلام لا يعتبر من أهل السنة وإن أصاب بكلامه السنة حتى يدع الجدل ويسلم للنصوص، فلم يشترطوا موافقة السنة فحسب بل التلقي والاستمداد منها (7) فمن تلقى من السنة ولم يوافقوا في النتائج فكيف يكونوا من أهلها.

وسنأتي بحكمهم عند أئمة المذاهب الأربعة من الفقهاء فما بالك بأئمة الجرح والتعديل من أصحاب الحديث:-

1 - عند المالكية:

روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر بسند عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداذ "أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء، وقال:

"أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادي عليها استتيب منها. (8)

وروي ابن عبد البر نفسه في "الانتقاء" عن الأئمة الثلاثة "مالك وأبي حنيفة والشافعي نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيزهم ومثله ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟

2 - عند الشافعية:

قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني وقد كان معاصراً للأشعري: لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقلبها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل. (9) "

قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء القرن الخامس الشافعية ما نصه: "لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرءون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت من عدة من المشايخ والأئمة، وضرب مثالاً بشيخ الشافعية في عصره الإمام أبو حامد الاسفرائيني الملقب "الشافعي الثالث" قائلاً: "ومعلوم شدة الشيخ على أصحاب الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الشعري، وعلق عنه أبو بكر الراذقاني وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزةً وقال: "هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين" (10) أ. هـ.

وبنحو قوله بل أشد منه قال شيخ الإسلام آلهروي الأنصاري. (11)

3 - الحنفية:

معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان، وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال إن الله ليس على العرش أو توقف فيه وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي، ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه تعالى على العرش ومعلوم أيضا أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي (12)!!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير