تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرابع / بالنظر للأمور المتيقن منها فيكون الاستثناء على اليقين كقوله تعالى) لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين (، فلما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الاستثناء في الإيمان؟ قال: نعم. الاستثناء على غير معنى شك مخافة واحتياطاً للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره وهو مذهب الثوري، قال الله عز وجل) لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ( .. ا. هـ (السنة للخلال (3/ 594)). قال ابن تيمية موضحاً كلمة الإمام أحمد هذه: وقال: على غير معنى شك: يعني من غير شك مما يعلمه الإنسان من نفسه، وإلا فهو يشك في تكميل العمل الذي خاف أن لا يكون كمله، فيخاف من نقصه، ولا يشك في أصله ا. هـ (مجموع الفتاوى (7/ 451)). =

· =تنبيه / ظن بعضهم أن السلف يستثنون في الإيمان باعتبار حالة الموافاة، لأنه لا يدري على أي شيء يوافي ربه، وهذا الظن أنكره ابن تيمية وبين أن السلف لم يقولوا به. راجع (7/ 436).

· ولفظي الإسلام والإيمان يختلف معناهما بحسب الإفراد والاقتران وقاعدة ذلك (أن من الأسماء ما يكون شاملاً لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالا على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دال على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج، وإذا قرن أحدهما بالآخر دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات والآخر على باقيها، فهكذا اسم الإيمان إذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر، ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده ودل الآخر على الباقي وقد صرح بهذا المعنى جماعة من الأئمة .. ويدل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر الإيمان عند ذكره مفرداً في حديث وفد عبد القيس بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل - عليه السلام - وفسر في حديث آخر الإسلام بما فسر به الإيمان، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة قال: جاء رجل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا ر سول الله ما الإسلام؟ قال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك) قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان، قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت)) .. الحديث .. فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال ... وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق ... ) ((جامع العلوم والحكم))

* المخالفون لأهل السنة في مسألة الإيمان:

أهل السنة والجماعة يقولون: إن الإيمان يتركب من اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح لا يجزئ أحدها عن الآخر، والأعمال كلها من حقيقة الإيمان، إلا أنهم يرون أن الكبائر أو ترك شيء من العمل ــ عدا المباني فمختلف فيها ـــ ليس بكفر، وخالفهم في هذا الباب طوائف من أهل البدع:

الطائفة الأولى: الخوارج والمعتزلة، والإيمان عندهم كما هو عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل واعتقاد، إلا إنهم خالفوهم بقولهم: إن تارك بعض العمل ــ آحاده ــ أو مرتكب الكبيرة ليس في قلبه شيء من الإيمان وهو مخلد في الآخرة في النار، واختلفوا في حكمه في الدنيا، فقالت الخوارج: هو كافر، وقالت المعتزلة: هو بمنزلة بين منزلتين.

الطائفة الثانية: الجهمية، والإيمان عندهم: هو المعرفة فقط دون تصديق القلب و قول اللسان وعمل الجوارح، فلو لم يصدق بقلبه وينطق بلسانه ويعمل بجوارحه فهو مؤمن إذا عرف بقلبه لأن هذه الثلاثة غير داخلة في الإيمان، ولازم ذلك عندهم إيمان إبليس وفرعون وأبي جهل لأنهم عرفوا الله، وقد سلك بعض الأشاعرة هذا المذهب بأن الإيمان هو المعرفة.

الطائفة الثالثة: الكرامية، والإيمان عندهم: قول باللسان دون تصديق القلب أو عمل الجوارح، فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان لأن الإيمان عندهم لا يتبعض، لكنهم لا ينكرون وجوب التصديق بل عندهم من كان مقراً بلسانه مكذباً بقلبه فهو منافق خالد في النار في الآخرة، فخالفوا أهل السنة في مسألة التصديق في الاسم ووافقوهم في الحكم.

الطائفة الرابعة: الأشاعرة، والإيمان عندهم: مجرد تصديق القلب دون عمله وعمل الجوارح ودون قول اللسان. لكنهم يقولون: إن للإيمان لوازم إذا ذهبت دل على عدم تصديق القلب.

الطائفة الخامسة: وهم مرجئة الفقهاء، والإيمان عندهم: قول باللسان واعتقاد بالقلب دون عمل الجوارح، ولذا فالإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص.

ومع أن المرجئة يجمعون تقريباً على أن العمل ليس داخلاً في حقيقة الإيمان ولا داخلاً فيمفهومه، إلا أن مرجئة الفقهاء أقرب هذه الطوائف لأهل السنة، وأبعدها طائفة الجهمية القائلون بأن الإيمان هو المعرفة فقط، ولذا كفرهم جمع من أئمة السلف دون باقي طوائف المرجئة. وأشار شيخ الإسلام أن الغلط دخل على هذه الطوائف بسبب أنهم ظنوا أن الإيمان كل لا يتبعض ولا يتجزأ ولا يزيد ولا ينقص، بل إذا وجد فصاحبه مؤمن كامل الإيمان وإذا ذهب بعضه ذهب كله (انظر الفتاوى:13/ 47،50).

قال ابن تيمية: وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم، أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم:"يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان " – ثم قال – وقالت المرجئة والجهمية: ليس الإيمان إلا شيئاً واحداً لا يتبعض – ثم قال – قالوا: لأنا إذا= =أدخلنا فيه الأعمال صارت جزءاً منه، فإذا ذهب بعضه فيلزم إخراج ذي الكبيرة من الإيمان … ا. هـ (7/ 510 – 511).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير