تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم هو يصر ويلح في إثبات ذلك للإمام و بعض أتباعه، وينقل ما يثبت توثيق نقله ذاك، فإذا جاء من ينفي ذلك عن الإمام بعلم، يرده بقوة وينقل عن بعضهم أن هذا لا يفيد، اسمع إليه في الإضافة الجديدة ما ذا ينقل – وهو يظن أنه تحصل على نص ثمين يدمغ به الإمام وأتباعه -: (وفي أحكام القرآن للجصاص (2

40) قال: «المشهور عن مالك إباحة ذلك (إتيان المرأة في دبرها) وأصحابه ينفون عنه هذه المسألة لقبحها وشناعتها. وهي عنه أشهر من أن يندفع بنفيهم عنه».

قلت: هل يعتمد العلماء في إثبات الأقوال لأصحابها على صحة ذلك عنهم وبقاء القول به، أم على شهرة نسبة الأقوال لأي كان؟! فكم من قول اشتهرت نسبته لأناس وهم أبرياء منه؟ أو ثبت رجوعهم عنه، وكم من حديث اشتهر على ألسنة العلماء فضلا عن العامة وهو ضعيف أو موضوع، فكان ماذا؟ وكأني بمحمد الأمين لم يعرف قط مبحث الغلط على الأئمة الذي تكلم عليه مرارا وتكرارا شيخ الإسلام وتلميذه النجيب ابن القيم – رحمهما الله – ولم يعرف يوما بعض الكتب المؤلفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وفيها الموضوع والواهي.

ومحمد الأمين إذ ينقل هذا يتعامى عن أقاويل أهل العلم من غير المالكية، في نفي هذا عن الإمام، من ذلك قول العلامة ابن القيم – رحمه الله – في تكذيبه نسبة ذلك للإمام مالك خاصة، وأتباعه عامة، في كتابه [إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان] 2/ 859 من طبعة دار ابن الجوزي، قال: ( ... وسبب غلط هذا وأمثاله: أنه قد نسب إلى مالك – رحمه الله تعالى- القول بجواز وطء الرجل امرأته في دبرها! وهو كذب على مالك وعلى أصحابه، فكتبهم كلها مصرحة بتحريمه).

وقوله في الزاد 4/ 257: (وأما الدبر فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط عليه).

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره في آية البقرة: (وقد حكي عن بعض فقهاء المدينة، حتى حكوه عن مالك وفي صحته نظر .... – ثم ذكر عن الطحاوي شيئا مما روي عن ابن القاسم في إباحة ذلك، وقد برأه الله منه – قال: وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك ما يقتضي إباحة ذلك، ولكن في الأسانيد ضعف شديد، وقد استقصاها شيخنا أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك والله أعلم).

وهذا الجزء الذي يشير إليه الحافظ ابن كثير، أظنه المصنَّف الكبير الذي ذكره الذهبي في السير 14/ 127: (قلت: قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي – صلى الله عليه و آله وسلم – عن أدبار النساء، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مصنف كبير).

وقال أيضا في السير 5/ 100: (وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد، لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك).

وأخيرا وليس آخرا يتعامي عن قوله هو محمد الأمين نفسه، إذ قال في هذا الرابط: بعنوان: من أحاديث إتيان المرأة في الدبر، للشيخ أبوتيمية إبراهيم، من أعضاء الملتقى – حفظه الله -.

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=782&highlight

:( وقد قال بالجواز مالك ... في مذهبهم القديم، ثم رجعوا عنه.

وما يرويه ابن وهب عن مالك فهذا مذهبه القديم. وما ينقله ... ... فهو مذهبه الجديد.

فهل رأيتم إخواني أعجب من هذا؟!!

ثم بعدما أورد محمد الأمين مجموعة من الروايات في نسبة ذلك للإمام، ونسبة فعله للإمام بنفسه – ظلما وجهلا – متشفيا من الإمام، شارقا بغيظه عليه، يقول محمد الأمين كأنه يتحدى – ولا أدري من يتحدى -: (وهناك روايات أخرى تركتها لعدم الإطالة، وهي مشهورة).

قلت: نعم هي مشهورة عند من وصفتهم بقولك: (أما إخواننا من الشيعة) في مقالك عن شحرور. أما أهل السنة والجماعة فقد تقدم ذكر أقاويلهم في نفي ذلك عن الإمام، وسيأتي قريبا نفي أتباعه وتلاميذه عنه ذلك بعلم. ثم أقول لك – يا محمد الأمين –: لماذا لا تورد هذه الروايات المشهورة من مصادرها مع أسانيدها ليحكم عليها أهل الحديث الأماجد، ويبينوا لك عوارها حتى تطيب نفسك، ويذهب عنها بعض هذا الغيظ عن أئمة السنة الميامين.

ثم قال محمد الأمين – ولم يبين مصدره كعادته -: (وروى المالكية خبراً يفيد رجوع الإمام مالك عن الإباحة، لكن الخبر مروي من طريق إسماعيل بن حصن، وهو واهي الحديث).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير