تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المرحلة الثانية: مرحلة التدوين والتبويب، ثم الاستشهاد الأثري، وإضافة خلاف كبار أصحاب مالك، وقد اعتمد في الاستشهاد الأثري على موطأ علي بن زياد وابن وهب ووكيع وجامع الثوري وغيرهم كما يستشف من المدونة.

وكان أهم الأصحاب الذين أضاف خلافهم أشهب وابن نافع وعلي بن زياد وابن وهب وغيرهم.

وبعد تدوين الأسدية من جديد أصبح اسمها [المدونة والمختلطة] "انتشر ذكرها في الآفاق، وعول الناس عليها وأعرضوا عن الأسدية، وغلب عليها اسم سحنون ". رياض النفوس 1/ 263.

وبهذا ظهر للوجود الكتاب الثاني وهو المدونة أو المختلطة، وإنما سميت المختلطة لبقاء بعض أبوابها على أصل السماع لم ترتب، قال القاضي عياض في المدارك 3/ 299: (قال الشيرازي: «ونظر فيها سحنون نظرا آخر فهذبها وبوبها ودونها وألحق فيها من خلاف الأصحاب ما اختار ذكره، وذيل أبوابها بالحديث والآثار، إلا كتبا منها بقيت على اختلاطها في السماع، فهذه هي كتب سحنون المدونة والمختلطة، وهي أصل المذهب ... ).وبذا كانت المدونة نتيجة لجهود ثلاثة أئمة: أسد بن الفرات عالم المذهبين المالكي والحنفي، وابن القاسم الفقيه المالكي، الذي حوى جل علم الإمام مالك، وسحنون بن سعيد عالم القيروان.

أما الكتاب الثالث: فهو تهذيب المدونة للبرادعي – رحمه الله –:

والذي نفهمه من كلمة تهذيب أن هذا العمل هو اختصار لأصل، يعتمد إيجاز اللفظ وتقليل العبارة مع المحافظة على الأصل دون أي إضافة أو تعديل، ولكن من يتابع عمل الأوائل في هذا المجال يجد أن الاختصار والتهذيب عندهم كان يعني شيئا آخر غير ما نفهمه بادئ ذي بدء. فنجدهم يقولون مثلا عن مختصر الواضحة لابن حبيب لفضل بن سلمة – رحمه الله – ت319: (له .. مختصر الواضحة زاد فيه من فقهه وتعقب على ابن حبيب كثيرا من قوله، وهو أحسن كتب المالكيين) المدارك 5/ 222. وكذلك الحال بالنسبة لمختصر ابن أبي زيد للمدونة فقد حوى مع الاختصار زيادات على الأصل من العتبية والواضحة والموازية مما أدى إلى امتناع الطلبة عن دراسته، وهناك أمثلة أخرى لهذا يقف عليها كل من عرف كتب المالكية المصنفة في القرن الثالث و الرابع والخامس.

ثالثا: أوضح النص الذي في التنبيهات، وما نقله الدكتور موراني عن نسخ القيروان توضيحا جليا أن عبارة: (يقومها أهل دينهم). جاءت في الأسدية، والأسدية قد صححها الإمام سحنون على ابن القاسم كما تقدم، ويبدو جليا أن هذه العبارة من ضمن ما صحح، يعلم هذا من قول صاحب التنبيهات: قال أحمد بن خالد: كذلك أصلحت وكانت في الأسدية خطأ.

وقبله قال: (وحوق عليه ابن المرابط وقال: ضرب عليه عند يحيى , وكذلك في أصل الأسدية).

والنص في المدونة كما هو في الطبعة الثانية من المدونة (يقومها من يعرف القيمة من المسلمين). 4/ 190 مصورة دار الفكر، وقبله قال القاضي عياض كما في التنبيهات: (وفي نسخ: يقومها من يعرف القيمة من المسلمين , وكذا في كتاب ابن سهل من رواية الدباغ في حاشية ابن المرابط وعليه اختصر أكثر المختصرين. قال فضل – هو ابن سلمة الجهني -: وهي روايتنا عند عبد الرحيم). قلت: وهي كذلك في نسخ القيروان التي رجع إليها الدكتور موراني.

ونهاية كلام القاضي في التنبيهات: (والقولان معروفان , وفيها أقوال أخر كلها ترجع الى معنى واحد الا ما هاهنا). هكذا العبارة في النسخة التي نقل منها الدكتور، وهي كذلك في نسخة القيروان رقم 333، وكذا في نسخة أسبانيا بالأسكوريال ص 117ب. وأما في هامش مطبوعة السعادة من المدونة 14/ 75: ( ... ترجع إلى معنى واحد إلى ما ها هنا).

ونسخة مطبعة السعادة نجهل للأسف الأصول التي طبعت عليها، ولم يتم تحقيقها وفق قواعد التحقيق المعروفة الآن للباحثين، ولكن كان لديهم أهم شئ عند طباعتها: وهو الأمانة العلمية، وحسن الفهم لما يقرأون.

إذا علم ما تقدم فالذي يعتمد عليه في هذه المسألة هو المشهور من لفظ المدونة لاغير، أما الأسدية فقد تركت فلا يستشكل بما فيها على ما جاء في المدونة لأنها مقدمة عليها، وهي التي حوت أقاويل الإمام مالك موثقة محررة، أما تهذيب البرادعي فإليه ينسب وهو كتابه هو، وما فيه من زيادة لفظ أو تغيير في عبارة الأصل فكلام البرادعي، وليس كلام الإمام، وعلماء المالكية يعلمون ذلك جيدا، ويضعون كل حرف ولفظ في موضعه، وينسبونه لصاحبه، فلا لبس، ولا تطور، ولا تغيير يُشكل ويدعوا إلى أن ينسب لأحد ما ليس له. والله الموفق لارب غيره و لا إله سواه.

=============================

09 - 01 - 2005, 11:35 AM المشاركة 49

أبو عمر السمرقندي

عضو مخضرم تاريخ الإنضمام: Dec 2002

المشاركات: 1430


الأخ الفاضل .. الفهم الصحيح
أحسنت ...
بارك الله في جهودك وسددها ...
واصل وصلك الله بطاعته، ففي موضوعك هذا فوائد تترى من جوانب عدة، يدركها كل منصف.

==============================

12 - 01 - 2005, 08:29 AM المشاركة 50
الأزهري السلفي المشاركات: n/a

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير