ويلاحظ المطلع اللبيب أن الزميلة في بداية موضوعها عرجت على تعريف الاستغاثة. وهذا أمر جميل أن تعرج لتبيانها حتى لا يختلط بين التوسل والاستغاثة , مع أن تعريفها خالي ضعيف فيه أغلاط شرعية نسأل الله السلامة. .
ولذلك عرجت لتعريف الاستغاثة حسب مفهومها الشرعي.
تعريف الاستغاثة حسب مفهومها اللغوي والشرعي:
فالاستغاثة مصدر استغاث والاسم الغوث, والغوثاء, والغواث.
يقال: أجاب الله دعاءه وغُواثه , وغَواثه , ولا يوجد في اللغة فعال بالفتح في الأصوات إلا غواث والباقي بالضم أو الكسر ويقول الواقع في بلية: أغثني أي فرج عني. فالاغاثة هي الاستجابة إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال.
وبهذا نعرف أن الاستغاثة بشيء لا يقدر عليه إلا الله هو إشراك بالله وبقدرته في ذلك كأن يقول القائل: (يا محمد أهدي الوهابية) فهذا لا يجوز لأن الهداية لا يملكها إلا الله وقائلها مشرك لأنه أشرك بالله في دعاء لا يجوز.
ثانياً:
اعتقاده القدرة في شيء من خصائص الله ولهذا حكم على المستغيث بشيء لا يقدر عليه إلا الله شرك لأنه أشراك في قدرة الله وحده.
أضيف:
من ظن أن كل استغاثة حرام فهو مخطئ , فإن الاستغاثة المنفية على نوعين:
1 - الاستغاثة بالميت منفية مطلقاً وفي كل شيء.
2 - الاستغاثة بالمخلوق الحي الغائب مطلقاً أو الحاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله.
فهذه الاستغاثة المحرمة.
يعتري الاستغاثة أربعة أحكام:
ا - الإباحة: وذلك في طلب الحوائج من الأحياء فيما يقدرون عليه كقوله تعالى: {فاستغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه}.
2 - الاستغاثة المندوبة " المطلوبة " الاستغاثة بالله: قا ل تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم -أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}. {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}.
3 _ الاستغاثة الواجبة: وذلك إذا ترتب على ترك الاستغاثة هلاك الإنسان. كاستغاثة الغريق برجل يعرف السباحة
4_ الاستغاثة الممنوعة.وذلك إذا استغاث الإنسان في الأمور المعنوية بمن لا يملك القوة أو التأثير سواء كان المستغاث به جنا أو إنسانا أو ملكا أو نبيا كأن يستغاث بهم ولا يستغيث بالله تعالى في تفريج الكروب عنهم أو طلب الرزق، فهذا غير جائز بإجماع العلماء وهو من الشرك، قال الحق: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}.
********************
وقد عرجت لأبين أن هناك فرق بين الاستغاثة والتوسل حتى لا تخلط الأمور بين النوعين , وهذا ما حدث لزميلة فهي خلطت بين الاستغاثة والتوسل لتهرب مما حصرناها فيه.
فقلت:
فلقد رأيت الزميلة هداها الله إلى الحق خلطت ذلك بإيراد أدلة الاستغاثة بأدلة التوسل.
أقول أنا فهّاد: لا يجوز أن يكون لفظ الاستغاثة بغير الله بمعنى التوسل.
فإن قلت يا زميلة:
إن معنى قول المستغيث أستغيث برسول الله، وبفلان الولي أي أتوسل برسول الله أو بالولي الصالح، ويصح حينئذ أن يقال تجوز الاستغاثة في كل ما يطلب من الله بالأنبياء والصالحين بمعنى أنه يجوز التوسل بهم في ذلك ويصح لفظاً ومعنى.
فسوف أجاوبك: أن هذا باطل من وجوه:
ا- إن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به لا بمعنى التوسل، وقد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن الاستغاثة لا تجوز بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقول القائل أستغيث به بمعنى توسلت بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقةً ولا مجازاً ولم يقل أحد مثل هذا، ولا معناه لا مسلم ولا كافر.
2 - أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به.
3 - أن من سأل الشيء، أو توسل به، لا يكون مخاطباً له ولا مستغيثاً به، لأن قول السائل، أتوسل إليك يا إلهي بفلان: إنما هو خطاب لله، لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسئول منه الغوث فيما سأل من الله فحصلت المشاركة في سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله، وكل دعاء شرعي لابد أن يكون الله هو المدعو فيه.
¥