تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. نهي النبي عليه السلام عن السجود له تعظيماً دليل على أن هذا لا ينبغي و لكن ليس فيه الحكم على هذا السجود أنه عبادة لأن هذا كفر أكبر ما كان النبي عليه السلام ليؤخر بيانه، و هنا يمكن أن يقال أن قصد المعظِّم بالسجود هو الذي يحكم على فعله بالكفر إن قصد عبادة المسجود له، أو عدمه إن قصد غير ذلك.

4. و يشكل على السابق الإجماع على كون السجود للصنم أو الشمس أو الكواكب تعظيماً لها كفر بقطع النظر عن قصد الساجد عبادتها أو عدمه، و قد يقال حلاً لهذا الإشكال أن كفر الساجد لها إنما هو بسبب تعظيمه ما أمر الله بإهانته أو نهى عن تعظيمه حال كونه اتخذ نداً لله، و عليه فإن قول الإيجي في المواقف: " حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الإلهية بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق

لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله وإن أجري عليه حكم الكفر في الظاهر" يفهم على أن هذا السجود مظهر من مظاهر التعظيم لما نهى الله عن تعظيمه أو أمر بإهانته مما اتخذ نداً له، فيحكم على فاعله بالكفر في الظاهر.

5. و قد يكون الحل السابق جواباً على كلام القرافي رحمه الله " فإن قلت الله تعالى أمر بتعظيم الآباء والعلماء ولم يأمر بتعظيم الأصنام بل نهى عنه فلذلك كان كفرا قلت إن كان السجودان في المسألتين متساويين في المفسدة ... إلخ "

ذلك أن المفسدة متحققة بمجرد تعظيم ما اتخذ نداً لله مما نهى عن تعظيمه و إن لم يقترن بسجود أو غيره فهذا التعظيم محادة لله عز و جل، و أما تعظيم من أمر الله بتعظيمهم فليس فيه محادة لله عز وجل فلا يكون كفراً، و لا يعكر عليه اتخاذ البعض للمعظَّمين بإذن الله أنداداً من دون الله كفعل النصارى مع المسيح عليه السلام، لأن فعلهم هذا ليس مانعاً لنا من تعظيمه عليه السلام بل الممنوع هو مجاوزة الحد في هذا التعظيم بصرف شيء منه مما هو حق خالص لله عز و جل لهذا المعظَّم، فإن ثبت أن السجود تعظيماً لغير الله كان سائغاً إلى زمن المسيح ثم حرم في شريعتنا، علم أن صرفه لغير الله على هذا الوجه ليس كفراً بل محرم فقط.

رغم كل ما سبق يبقى إشكال عملي، و هو أن المستقر في أذهان عامة المسلمين أن السجود عبادة، و التفريق بين سجود العبادة و سجود غير العبادة لا يكاد يعلمه إلا القليل، يضاف إلى ذلك أن التحية أو التعظيم عن طريق السجود لا يكاد يكون معروفاً في بلاد المسلمين، فالساجد منهم اليوم للقبور أو الأشياخ لا يخلو عن رجلين، إما رجل غلبته عاطفته و مشاعره فلم يتمالك نفسه فخرج عن وعيه و خر ساجداً و هذا أمره قريب، و إما رجل سجد مختاراً فسجوده هذا مع ما سبق بيانه من المستقر في الأذهان يشعر بمقدار ذا التعظيم الذي استولى على قلبه حتى فعل ما يعلم أنه في أصله عبادة لله، و هذا يشكل جداً عدم الحكم على فعله بالكفر، و لكن لما سبق ذكره من كلام العلماء لا سيما ما نقله القرافي من اتفاقهم، يتوقف المرء عن التصريح بالحكم على هذا الفعل بالكفر.

هذا و الله أعلى و أعلم و رد العلم إليه أسلم، و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله وصحبه وسلم.

ـ[خالد بن عبدالله]ــــــــ[08 - 02 - 06, 11:57 م]ـ

جزاكم الله خيرا

ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[11 - 02 - 06, 07:13 ص]ـ

في انتظار فوائد المشايخ الكرام

ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 02 - 06, 11:37 ص]ـ

أخي الكريم كتبت تعليقاً فيه طول لعلي أعلقه مساء إن شاء الله تعالى، وهو من باب المباحثة وتمام التدارس، وإن كنت انتصرت فيه لما قرر في الرد الماضي، وبينت فيه أوجه كثير مما أجمل، وجزاكم الله خيراً.

ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[11 - 02 - 06, 01:41 م]ـ

شيخنا عدالرحمن وشيخنا جزاكم الله خيرا

كثير من الأضرحة عليها أوثان، ويسجد لها مدعي السجود سجود تحية، فهل مع ذلك لا يكفر مع وجود هذا الوثن؟ وهل هذا قول أهل الأرجاء، جزاكما الله خيرا ونفع بكما

ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 02 - 06, 07:18 م]ـ

شكر الله لكم أيها الأخ الحبيب أبو البراء ..

واعذرني إن تركت شيئاً من التلطف أو الأدب في هذا الجواب وما ذاك إلاّ بغية الاختصار لما أعلمه من حال بيننا. وبعد:

أصل المسألة هو أن العبادة محض حق الله تعالى كما في حديث معاذ: (اتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله)، فمن صرف منها شيء لغير الله فقد أشرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير