تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لعل هذا أصل متقرر لدى المشايخ جميعاً لا يحتاج أمثالهم لتقرير أدلته من الكتاب والسنة والإجماع.

وقد دلت الأدلة على أن السجود تعظيماً من جملة العبادة، ووصف من صرفها للشمس والقمر ونحوهما بالشرك (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله). وذكر تعبد اللأولين ربهم بالسجود (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذان سجدا).

ثم جاءت نصوص تفيد بسجود إخوة يوسف ووالداه له، وكذلك سجود الملائكة لآدم بأمر ربهم.

وهنااضطرب الناس ونقلوا اجماعات ظاهرها قد يفهم منه التعارض.

ولعل الحق أنه لم تصح حجة في أن السجود المذكور في سورة يوسف، أو التي أمرت به الملائكة كان سجود تعظيم مصروف ليوسف من دون الله تعالى.

ولعل الفطن اللبيب يدرك بأن قول من قال لم تصح حجة لايعني عدم الورود عن بعض السلف أو من لايكون قوله حجة.

فبعضهم قال إن سجود إخوة يوسف تعظيم ليوسف عليه السلام، وقيل نحو ذلك في سجود الملائكة لكن ما هي حجة هذا القول؟ هل لمن قاله دليل؟

الذي يبدو كما قُرر في المشاركات سابقة لا يظهر –أو لم أفهم- على هذا دليل تقوم به حجة.

بل الأدلة دلت على أن السجود تعظيماً لاينبغي إلاّ لله في شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وفي شرائع الأنبياء من قبله، بخلاف السجود لمجرد الإكرام والتحية وإن لم يقترن بها ذلك التعظيم، وسواء قيل إن هذا هو أصل السجود أو هو خلاف الأصل في السجود، فإنه إن ثبت أن التعظيم من أصل السجود لاينفك عنه فإن الخروج عن الأصل لأدلة تحريم السجود تعظيماً لغير الله.

وما يظهر هو أنه لا يلزم لا عقلاً ولا شرعاً أن يكون سجود بشر لبشر مقترناً بتعظيم، وإن كان هذا هو ظاهر السجود المجرد.

وفرق بين أن يقال ظاهر العفل كذا، وبين أن يقال يلزم من الفعل كذا. فاللازم لاينفك عن الملزوم، والظاهر قد يدل دليل على أنه غير مراد، وقد يكون الظاهر في حق شخص غير ظاهر في حق الآخر، وكذلك الظاهر في عرف قوم قد يكون غير ظاهر في عرف آخرين، ولاسيما في باب الأفعال والتصرفات، فأنت تجد أن الأكل مع الضيف مثلاً في عرف قوم من الإكرام والإجلال، وفي عرف آخرين الأمر بخلاف ذلك، وكذلك التحديق في المتحدث حال الحديث، وغير ذلك.

قلتم حفظكم الله

وهنا ثلاثة أمور:

- سجود تحية وهو بحق مشكل كما قال العز والقرافي أما ابن الشاط فعلى أصله في الإيمان بنى باطلاً. والأقرب إن تصور وجوده فليس بكفر، بيد أنه علم شرعاً وعرفاً وعقلاً أن تحية الناس بعضهم بعضاً لا تكون بذلك، ولاسيما لمجرد التحية.

- وأما السجود تعظيماً وإجلالاً للمقبور ظناً منه أن ذلك من جملة تعظيمه المشروع، فمسألة مشكلة كذلك وكثير من المعاصرين يرى أنها لا ترقى للشرك الأكبر وهو خطأ لعل تبينه يأتي، بل هو من جملة الشرك الأكبر، والله أعلم.

فرقتم شيخنا بين سجود التحية و سجود التعظيم ـ و هو نفس المسلك الذي سلكتُه في حواري مع الصوفية ـ بيد أن السجود لغة هو الخضوع و التذلل كما يستفاد من القاموس و التاج و المصباح و غيرها، و قد قال ابن تيمية رحمه الله (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه)، كما أنه يبعد أن يسجد أحد لأحد مختاراً على سبيل التحية ما لم يقم في قلبه تعظيم للمسجود له

بارك الله فيكم، من الإشكالات المتكررة في تحرير المعاني اللغوية أن يعمد الباحث إلى قواميس اللغة ليستخرج معاني اللفظ، وهذا إشكال فإن المعاجم العربية كاللسان والقاموس وغيرهما تعنى بنقل الاستخدام اللغوي الذي جرى في لسان العرب، ونادراً ما تعنى بالأصل الوضعي للفظ العربي.

ومن هنا وقع كثير من المخالفين للسلف في الصفات مثلاً في الخطل، فعندما يراجع القاموس ويجد معنى العين مثلاً الآلة التي تدرك بها المبصرات أو العضو المعروف، أو نحو ذلك مما يذكره أهل اللغة يضطر إلى التأويل أو التفويض.

والحق أنه إذا أريد معرفة الأصل الوضعي في أمثال تلك الألفاظ فلابد من البحث عن من قرر هذا من أهل العلم لا من يذكر مجرد استعمالاتها ليتبين الأصل وليعرف بعد ذلك المعنى المنقول على خلاف الأصل.

وخير ما يستعان به في هذا الصدد معجم العلامة ابن فارس الفريد الذي التزم فيه بيان الأصول اللغوية، لا مجرد الاستعمالات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير