تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم يقال هذا كله إذا سلم أن اللام في قوله الله تعالى: (فخروا له سجدا)، (لي ساجدين) هي لام الاستحقاق والاختصاص، وأما إذا حملت على أنها لام لأجل كما صرح به بعض أئمة اللغة، فيكون لا إشكال أصلاً ولا دليل فيها لأن المعنى حينئذ: وخروا من أجله سجداً لله تشكراً نقله الأزهري.

، و كلام العز و القرافي رحمهما الله ليس فيه هذه التفرقة بل صرح القرافي (ولو وقع مثل ذلك ـ أي السجود ـ في حق الولد مع والده تعظيماً له وتذللاً أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفراً) و المشكل عندهما هو حكم سجود التحية و التعظيم و هو سجود واحد لا سجودان كما يظهر، و إن كان ثمة فرق فسجود التعظيم و التذلل ـ و هو أشد من مجرد التحية ـ ليس كفراً عندهما، بل الذي يظهر من كلام القرافي أن هذا متفق عليه بين الناس فكأنه يحكي إجماعاً، فتخريج هذا الاتفاق هو الذي أشكل عليهما.

هذا الكلام من جنس كلام الإمام الذهبي وهو أجل من القرافي رحمة الله عليهما.

أما كونه إجماعاً فليس هذا إجماع بل نص على الاختلاف فيه أهل العلم، قال شمس أئمة الأحناف السرخسي السجود لغير الله على وجه التعظيم كفر (المبسوط 24/ 130)، ونُقل النص عليه عن الجبائي والكعبي أيضاً، وقال ابن الصلاح: قال ابن الصلاح: ويخشى أن يكون كفراً. (أسنى المطالب 1/ 60) ولو كان إجماعاً ما خشي، مع أن هذا في كان في حق المشايخ الأحياء لا القبور والأموات.

وكذلك في فتوحات الوهاب بتوضيح منهج الطلاب ذكر الجمل قول الماتن الذي أجمل السجود لمخلوق بحكم الكفر، ثم فصل الشارح في الركوع فقال إن قصد التعظيم كفر أو نحو هذا، فنص على أن قصد التعظيم في ما هو دون السجود كفر.

وذكر أحمد في حاشيتي القيلوبي وعميرة عن ابن حجر [وهو الهيتمي] نحو قول ابن الصلاح، وذكر في موضع آخر القول بأنه كفر.

ولهذا قالوا في الموسوعة الفقهية بعد أن نقلوا الإجماع على أن من سجد لصنم أو شمس ونحوهما أن ذلك كفر بالإجماع، وأن من سجد لجبار أو ملك فقد انعقد الإجماع على أنه أتى كبيرة ثم قال: "كما أجمعوا على أن السجود لغير صنم نحوه , كأحد الجبابرة أو المملوك أو أي مخلوق آخر هو من المحرمات وكبيرة من كبائر الذنوب , فإن أراد الساجد بسجوده عبادة ذلك المخلوق كفر وخرج عن الملة بإجماع العلماء , وإن لم يرد بها عبادة فقد اختلف الفقهاء فقال بعض الحنفية: يكفر مطلقا سواء كانت له إرادة أو لم تكن له إرادة , وقال آخرون منهم: إذا أراد بها التحية لم يكفر بها , وإن لم تكن له إرادة كفر عند أكثر أهل العلم ".

وفي هذا بيان أن مجرد السجود ولو تحية مختلف فيه بين أهل العلم وليس بإجماع وكلام السرخسي وغيره ظاهر في هذا المعنى.

ويبقى تحرير قول الجمهور؟

هل أرادوا بسجود العبادة سجوداً غير السجود المقرون بالتعظيم؟

فأنت ترى إجماعهم على أن من سجد عبادة فهو كافر؟ فهل من سجد تعظيماً لم يصرف عبادة لغير الله؟

أقول من سجد تحية وإكراما نتفق على أنه لم يصرف عبادة لغير الله، أما من سجد تعظيماً فقد أفادت النصوص أنه أتى عبادة لا تحل لغير الله.

والذي يظهر من كلام بعض أهل العلم ومن تأمل تفريقهم بين السجود للشمس والصنم ونحوهما، وبين سجودهم للكبراء والجبابرة، بدى له جلياً اعتبار قصد التعظيم في كل منهما.

فإن الذي يسجد للشمس أو الصنم لا يمكن أن يكون محيياً مكرماً، بل لابد أن يكون معظماً ولهذا قطع بكفره، أما من يسجد لجبار فقد يكون على وجه التحية والإكرام، فالبشر يعقلون هذا المعنى دون الكواكب. وإذا كان التعظيم المصروف للمعظم مقترناً بكليهما فما عاد وجه للتفريق.

ولا أنكر أن بعض أهل العلم أطلق القول بأن قول الجمهور أن من سجد تعظيماً أو إجلالاً لاعبادة لا يكفر بذلك بل هو ظاهر عبارة الذهبي، ولكن هذا القول من حيث النسبة يحتاج إلى تحرير ومن حيث صوابه كذلك.

و في كلام الأئمة ما يفيد عدم التفرقة و أن سجود التحية متضمن للتعظيم فمن ذلك:

...

...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير