تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقال في هذا ما قيل في الذي قبله، وقد قال بأن السجود كان تعظيماً من هو أجل من الزجاج، وكما لايخفاكم فإن بعض النقول ليست نصاً في التعظيم، وإن كانت نصاً فليست –إن ثبتت- حجة بل هي مرسلات عن أتباع تابعين يرونها عن أخبار الأمم الماضين، كما روي خلافها فقد روي أن السجود كان تحية القوم فيما بينهم وليست خاصة بالملوك، وإن كانت تحية الملوك والكبراء فليس بلازم أن تكون لأجل التعظيم بل هو الإكرام الذي يليق بهم في عرفهم، ولهذا يقدم حق هذا الإكرام الموافق لهم والمخالف.

ثم فرق بين أن يقال الأمر بالسجود فيه تشريف وتكريم وتعظيم، وبين أن يقال سجد الرجل للرجل تعظيماً.

وقلتم بارك الله فيكم

فهنا صورتان:

الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.

والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.

وهناك صورة ثالثة و هي أن الساجد سجد تعظيماً لاعتقاده أن المسجود له يستحق هذا السجود ولم يرد بذلك التقرب إلى الله و لا التقرب ـ تعبداً ـ للمسجود له ...

طالما أثبتم التعظيم فإما أن يكون مصروفاً لله وهذا هو القسم الأول أو مصروفاً لغير الله وهذا هو القسم الثاني، ولايمكن إثبات تعظيم غير متعلق بأحدهما.

فالتعظيم من حيث هو عبادة وعمل قلبي جليل لابد له من معظم متعلق به.

، وأظهر مثال لذلك حديث معاذ رضي الله عنه ففي المسند من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال: الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأ في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُعظَّم فلما قدم قال: يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأت في نفسي أنك أحق أن تُعظَّم ... الحديث، قال الألباني رحمه الله صحيح على شرط مسلم

و هذا صريح في أن الباعث لمعاذ على السجود للنبي صلى الله عليه و سلم هو التعظيم، و مع ذلك فلم ينكر عليه النبي عليه السلام إنكاره على الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط و لا إنكاره على الذي قال له ما شاء الله و شئت، و هذا مشعر بأن السجود له عليه السلام سجود تعظيم ليس شركاً.

فيقال أولاً:

هذا الحديث –أحسن الله إليكم- من رواية القاسم بن عوف، وهو مختلف فيه والأقرب كما قرر شيخنا عبدالله السعد أنه لين لايحتج به، قال: وهذا مذهب الجمهور، وقد احتج به مسلم في حديث واحد ليس له غيره عنده والحديث هو: "صلاة الأوابين حين ترمض .. ".

وعلى كل حال تفرد القاسم بهذه الزيادة، وتفرد مثله لايحتج به، والعلامة الألباني رحمه علق بما يفيد شكه في هذا الحديث في الإرواء 7/ 57.

وجاء من حديث معاذ هذا من طريق الحاكم والطبراني وغيرهما أنها كانت تحية الأنبياء ولم يورد ذكر التعظيم.

بل روى من حديث شريك بسنده عن قيس بن سعد رضي الله عنه ما هو أصلح من هذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي –وجاء من غير طريق شريك كما عند البيهقي بإسناد حسن لعل بعض من ضعف أثر شريك من أهل العلم لم يقف عليه- ما يفيد أن السجود كان تحية، فقد روى أبوداود وغيره عن قيس بن سعد قال أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فقلت رسول الله أحق أن يسجد له قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك قال أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له قال قلت لا قال فلا تفعلوا لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق.

فبين أنه استقر في نفوسهم ترك السجود لقبره إذا لاتتصور تحيته بذلك ولا تنبغي، ولو كان الشأن تعظيماً لما اختلف عنه في قبره أو حياته الدنيوية صلى الله عليه وسلم، فتعظيمه مطلوب حياً وميتاً.

ثم يقال ثانياً:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير