تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4. أن ترك السجود لقبره صلى الله عليه و سلم مع كونه مستقراً في نفوسهم لكن هذا قد يكون لما علموه من نهيه عليه السلام عن اتخاذ القبور مساجد و عن الصلاة إلى القبور، و هو أظهر من أن يكون لسبب التحية و التعظيم.

5. لو لم يكن في الحديث دلالة على التعظيم فإفادته كفر من سجد لغير الله ـ كما ذكرتم في موضع آخر ـ تعني كفر من سجد لغير الله مطلقاً تحية كان ذلك أو تعظيماً، و أنتم بارك الله فيكم فرقتم.

أما قولكم بارك الله فيكم (ثم يقال ثانياً:

إن سلم أنه تعظيم فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر هذا ولم يقره مع احتماله، وبين أنه لاينبغي لأحد أن يسجد لأحد، وهذا يبين بأن سجود معاذ رضي الله عنه لا ينبغي إلاّ لله، فقد علم أن السجود تعظيماً للخالق سبحانه مشروع بل هو عبادة يتقرب إلى الله بها عند ورود أسبابها. وقد جاءت بذلك ألفاظ ذكرها أهل العلم قال شيخ الإسلام: " وحديث معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي فقال ما هذا يا معاذ فقال رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم فقال يا معاذ أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له قال لا قال فلا تسجد لي فلو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين كيف ينهى عما هو أقل منه".

وقال: " ولما سجد له معاذ نهاه وقال أنه لا يصلح السجود إلا لله ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".

وقال الإمام ابن القيم: " وقال: [لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد] وأنكر على معاذ لما سجد له وقال: مه! وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله وهو من أبلغ أنواع العبودية فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر فقد جوز العبودية لغير الله".)

فيقال:

1. كون النبي صلى الله عليه و سلم أنكر هذا السجود و قال " فلا تفعلوا " فإن دل إنكاره على حرمة سجود التعظيم فلا يدل على كونه عبادة مختصة بجناب الله.

2. أما لفظ " لا يصلح السجود إلا لله " فلم أجده في روايات الحديث و الظاهر أن ابن تيمية رحمه الله ذكره بالمعنى حيث قال في موضع آخر (قال فإنه لا يصلح السجود إلا لله أو كما قال)

3. أما وصف ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله هذا السجود بأنه شرك و عبودية لغير الله فليس في كلامهما ما يدل على أنهما يعنيان سجود التعظيم دون سجود التحية.

قلتم شيخنا (ثم إن مسألة نسخ التوحيد الذي يظهر أنها محل تفصيل وإجمال، أما كون العقائد لا تنسخ فهذا حق إلاّ أن تعلقه بموضوعنا محل بحث،)

و موضوع بحثنا هو السجود لغير الله، و السجود لله عبادة أهل السماوات و الأرض، و هي عبادة في شريعة يعقوب عليه السلام كما قلتم لاحقاً " وكيف يكون سجودهم لله تعظيماً وقد كان في شريعتهم عبادة يتقربون بها إلى الله، ... " فعاد مرجع الكلام كله إلى سجود التعظيم هل منه ما هو عبادة ومنه ما ليس كذلك أم أن كل سجود تعظيم يكون سجود عبادة.

قلتم حفظكم الله (قلتم –أحسن الله إليكم-:" أما بالنسبة للآية فنعم، بل يعسرجداً تصور أن يعقوب قد سجد لابنه يوسف عليهما السلام تعظيماً" ثم قلتم: " أما كون التحية لا تستلزم التعظيم، فالكلام إنما هو على السجود بقصد التحية لا على مطلق التحية، و قد سبق بيان أن التعظيم لازم للسجود الاختياري ... ".

لا أستطيع فهم انسجامه إلاّ إذا كنتم تشيرون إلى أن سجود يعقوب لم يكن باختيار؟)

فالجواب في قولي " إلا إن قيل أنه بسجوده له إنما كان من جهة كون يوسف عليه السلام عزيز مصر فجرى على عادة الناس في ذلك الزمان من السجود لملوكهم بقطع النظر عن كونه يوسف ابنه"

أي أن سجود يعقوب عليه السلام تعظيماً لابنه يعسر تصوره من حيث هو ابنه، أما سجوده لعزيز مصر تعظيماً له إن كان جائزاً في شرعتهم فلا يعسر تصوره لا سيما إن كان هذا العزيز نبياً، و أنا هنا أتحدث عن السجود في الآية تحديداً و هو سجود أب نبي لابنه النبي، أما لو لم يكن يعقوب نبياً فلا يعسر أبداً تصور سجوده لابنه النبي كما أنه لا يعسر تصور سجود إخوة يوسف له تعظيماً، لذا قلت ما قلت عن دلالة الآية، فالتعظيم في هذا السجود المذكور في الآية يستفاد من أصل السجود في اللغة فهو قدر زائد عن مدلول الآية كما ذكرتم و لكن في حق يعقوب خاصة، و لا يخفى عليكم ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير