تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

{يخرون للأذقان سجدا} أي يسقطون على وجوههم ساجدين لله سبحانه وإنما قيد الخرور وهو السقوط بكونه للأذقان: أي عليها لأن الذقن وهو مجتمع اللحيين أول ما يحاذي الأرض قال الزجاج: لأن الذقن مجتمع اللحيين وكما يبتدئ الإنسان بالخرور للسجود فأول ما يحاذي الأرض به من وجهه الذقن وقيل المراد تعفير اللحية في التراب فإن ذلك غاية الخضوع وإيثار اللام في للأذقان للدلالة على الاختصاص فكأنهم خصوا أذقانهم بالخرور أو خصوا الخرور بأذقانهم

روح المعاني [جزء 15 - صفحة 189]

(إذا يتلى أي القرآن عليهم يخرون للأذقان الخرور السقوط بسرعة والأذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين ويطلق على ما ينبت عليه من الشعر مجازا وكذا يطلق على الوجه تعبيرا بالجزء عن الكل قيل وهو المراد وروي عن ابن عباس فكأنه قيل يسقطون بسرعة على وجوههم سجدا تعظيما لأمر الله تعالى أو شكرا لإنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك ... وفسر الخرور للأذقان بالسقوط على الوجوه الزمخشري ثم قال: وإنما ذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الساجد به الأرض من وجهه وقيل: فيه نظر لأن الأول هو الجبهة والأنف ثم وجه بأنه إذا ابتدأ الخرور فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض هو الذقن وكأنه أريد أول ما يقرب به من اللقاء وجوزأن تبقى الأذقان على حقيقتها والمراد المبالغة في الخشوع وهو تعفير اللحى على التراب أو أنه ربما خروا على الذقن كالمغشي عليهم لخشية الله تعالى وقيل: لعل سجودهم كان هكذا غير ما عرفناه وهو كما ترى

وقال صاحب الفرائد المراد المبالغة في التحامل على الجبهة والأنف حتى كأنهم يلصقون الأذقان بالأرض وهو وجه حسن جدا واللام على ما نص عليه الزمخشري للاختصاص وذكر أن المعنى جعلوا أذقانهم للخرور واختصوها به ... فمعنى الاختصاص بالذقن الاختصاص بجهته ومحاذيه وهي جهة السفل ولا شك في اختصاصه به إذ هو لا يكون لغيره فمعنى يخرون للأذقان يقعون على الأرض عند التحقيق والمراد تصوير تلك الحالة كما في قوله

فخر صريعا لليدين وللفم

فتأمل، واختار بعضهم كون اللام بمعنى على) ا. هـ

ففي كل هذه الآيات لم يستفاد معنى السجود على الهيئة المعروفة عند من قال به من قوله تعالى {خروا} فضلاً عن أن يكون من قوله تعالى {للأذقان} بل إن هذا المعنى مستفاد من لفظ السجود نفسه أما الخرور فيفيد معنى زائداً عن السجود و هو السقوط بسرعة أو بصوت كما ذكرتم، و أما قيد للأذقان فواضح من كلام المفسرين أن البحث في المراد منه لم يكن لبيان دلالته على أن السجود كان على الهيئة المعروفة، بل على العكس فإن بيان المراد من هذا القيد احتاج منهم أخذاً و رداً لتقرير هذا المراد و هو في كل الأحوال ليس بيان هيئة هذا السجود و أنه على الهيئة المعروفة بل بيان أمر زائد، بخلاف الآيات التي لم يذكر فيها هذا القيد فقرر من قرر منهم أن السجود هو السجود المعروف دون أخذ و رد، بعبارة أخرى فإن قوله تعالى {خروا سجدا} بدون قيد الأذقان كان واضح الدلالة في إرادة السجود أو الركوع المعروفين، أما مع قيد الأذقان فقد احتيج لمعرفة دلالة هذا اللفظ على المراد منه إلى بحث و أخذ و رد، فهذا يدل على أن استفادة إرادة السجود المعروف لم تكن من هذا القيد، و الله أعلم.

أما قولكم (بخلاف اللفظ إذا لم يقيد فقد يفهم منه الانحطاط جالساً على سبيل الإكرام.

ويشير إلى هذا المعنى قوله في أول السورة: (إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر لي ساجدين)، ولا يتصور ذلك في الكواكب إلاّ بانحطاطها له، فجاء تأويل الرؤيا مثلها، ومن تأمل الآثار الفرعونية والرسوم الرومانية ونحوها لحظ أن سجودهم هو انحطاط في جلسة أشبه بالجلوس على أطراف القدمين مع خفض إحدى الركبتين.".)

أما اللفظ فقد قيد بالسجود.

و أما قولكم أن " خروا سجداً " بدون قيد الأذقان أو الوجوه قد يفهم منه الانحطاط جالساً، فكيف يكون ذلك؟ إن أحداً من المفسرين لم يقل بأن ذاك السجود كان جلوساً على أي صورة كان هذا الجلوس، و إذا كان هذا هو المراد فلماذا يعبر القرآن بهذا اللفظ الموهم و لماذا لا يقول و خروا له جلوساً مثلاً؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير