تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخنا الدكتور علي فقيهي في التعليق على هذا الأثر: وقد ذكر أبو يوسف كلامًا نفيسًا في باب التوحيد، هو ظاهر في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، فذكر أنَّ التوحيد لا يكون بالقياس، مبينًا أن القياس لا يكون إلا إذا وُجدت علة، حيث قال: ألم تسمع إلى قول الله عز وجل في الآيات التي يصف بها نفسه أنه عالم قادر قوي ولم يقل إني قادر عالم لعلة كذا، أو أقدر بسبب كذا، قال: ولذلك لا يجوز القياس في التوحيد، ولا يُعرف الله إلا بأسمائه، ولا يوصف إلا بصفاته، ثم ذكر أدلة ذلك، ثم قال: لم يقل الله انظر كيف أنا العالم وكيف أنا القادر، وإنما قال: انظر كيف خلقت ... إلخ. إن ما ذكره رحمه الله لا يحتاج لبيان، فراجعه تجد فيه الردِّ على الملحدين في الربوبية وفي الأسماء والصفات مستدلاً بذلك على توحيد العبادة والطاعة لله وحده.

3 - قال ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310ه في تفسير قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك: "فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخلق عبادته إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كلّ شيء يدين له بالربوبية كلّ ما دونه".

4 - قال الإمام أبو جعفر الطحاوي المتوفى سنة 321ه في مقدمة متنه في العقيدة المشهور بالطحاوية: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره".

فقوله: "إن الله واحد لا شريك له" شامل لأقسام التوحيد الثلاثة، فهو سبحانه واحد لا شريك له في ربوبيته، وواحد لا شريك له في ألوهيته، وواحد لا شريك له في أسمائه وصفاته.

وقوله: "ولا شيء مثله"، هذا من توحيد الأسماء والصفات.

وقوله: "ولا شيء يعجزه" هذا من توحيد الربوبية.

5 - قال أبو حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة 354 هـ في مقدمة كتابه (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء): ((الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بأجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابع نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بعزته إرادته)).

فذكر الأقسام الثلاثة الألوهية والربوبية والأسماء والصفات.

6 - قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي المتوفى سنة 386 هـ في مقدمة عقيدته: ((من ذلك: الإيمان بالقلب والنطق باللسان بأن الله إله واحد لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير، ولا ولد له ولا والد، ولا صاحبة له ولا شريك له، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، لا يبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون ... إلى أن قال: تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد أو يكون لأحد عنه غنىً، خالق لكل شيء، ألا هو رب العباد ورب أعمالهم والمقدر لحركاتهم وآجالهم)).

7 - قال الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري، المتوفى سنة 387هـ في كتابه (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة): ((وذلك أن أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:

أحدها: أن يعتقد العبد ربانيته؛ ليكون بذلك مبايناً لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعاً.

والثاني: أن يعتقد وحدانيته؛ ليكون بذلك مبايناً لأهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.

والثالث: أن يعتقده موصوفاً بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفاً بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه.

إذ قد علمنا أن كثيراً ممن يقر به ويوحده بالقول المطلق قد يلحد في صفاته فيكون إلحاده في صفاته قادحاً في توحيده.

ولأنا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة من هذه الثلاث والإيمان بها.

فأما دعاؤه إياهم إلى الإقرار بربانيته ووحدانيته فلسنا نذكر هذا هاهنا لطوله وسعة الكلام فيه، ولأن الجهمي يدعي لنفسه الإقرار بهما وإن كان جحده للصفات قد أبطل دعواه لهما)).

ثم أخذ يورد ما يدل على بطلان قول الجهمية في نفي الصفات، وهذا نص غاية الوضوح في ذكر أقسام التوحيد الثلاثة.

وتأمل -يا رعاك الله- قول ابن بطة:

((ولأنا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة من هذه الثلاث والإيمان بها)). ففيه أبلغ ردٍّ على من يزعم أن هذا التقسيم لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وتأمل قوله في بداية كلامه: ((وذلك أن أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء)).

فقد نص رحمه الله على أن أقسام التوحيد الثلاثة هي أصل الإيمان الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان بالله، ومعنى ذلك أنه لا إيمان لم يأت بهذه الأمور الثلاثة ولا توحيد؛ إذ الإيمان والتوحيد هو إفراد الله وحده بهذه الأمور الثلاثة، فمن لم يأت بتوحيد الربوبية فهو معطل للخالق مشرك في ربوبية الله، ومن لم يأت بتوحيد الألوهية فهو مشرك في ألوهية الله وعبادته كالمشركين عبدة الأصنام، ومن لم يأتي بتوحيد الأسماء والصفات فهو كافر ملحد في أسماء الله وصفاته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير