تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وصرف العبادة أو شيء منها لغير الله تعالى شرك، وأما لو طاف بتلك القبور بقصد التقرب إلى الله تعالى فهذا محرم وبدعة منكرة، ووسيلة لعبادة تلك القبور، ولهذا يقول ابن تيمية في هذه المسألة: " أما الرجل الذي طلب منه والده الحج فأمره أن يطوف بنفس الأب، فقال: طف ببيت ما فارقه الله طرفة عين قط، فهذا كفر بإجماع المسلمين، فإن الطواف بالبيت العتيق مما أمر الله به رسوله، وأما الطواف بالأنبياء والصالحين فحرام بإجماع المسلمين، ومن اعتقد ذلك دينا فهو كافر، سواء طاف ببيته أو بقبره ".

فكيف يأتي أحد مثل عبدالغفار الشريف ثم يحاول أن يعمل مقارنة بين الأعمال التي لا يفعلها الناس إلا عن طريق العادة كالرياضة، والحمية الغذائية من أجل التخسيس والأفعال التي لا تفعل إلا عن طريق العبادات كالطواف، والقاعدة الشرعية في هذا الباب تقول: إن العبادات أصلها الحظر إلا بدليل شرعي، ومقارنة الطواف بالقبور بالطواف حول الكعبة يدل على أن الرجل يحاول أن يبرر هذا الفعل المحرم البدعي المؤدي إلى الشرك باتفاق المسلمين، وقد ثبت عن عمر - رضي الله عنه - أنه لما قبل الحجر الأسود، قال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك لما قبلتك، مما يدلنا على أن السلف كانوا يتأكدون قبل عمل أي شيء من أصله الشرعي، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

الصوفية قبوريون

أما مدحه للصوفية وادعاؤه بأنهم يرون عدم مشروعية الطواف بالقبور، فهذا شيء يحتاج إلى توضيح، لأن قوله: إن الصوفية تهذيب للروح ليس على إطلاقه كما أن بناء المشاهد والأضرحة والطواف حول القبور أمور لا ينفصل عن أهل التصوف، لاسيما وأن الشريف يمدح غلاتهم كابن عربي، الذي قال عنه: " إنه طود شامخ وعالم كبير "، ومعلوم لدى طلبة العلم ما عند ابن عربي من طامات، وكتابه "فصوص الحكم" مليء بالكفريات التي حذر منها العلماء، ومما يؤكد أن الصوفية قبوريون ويدعون الناس إلى الانشغال بالمقابر وطلب الحوائج لصاحب القبر أكثر من أن ننقلها، لأن من يقرأ كتب القوم لا تخطئ عينه هذه الخزعبلات.

* يقول محمد الحنفي - وهو ممن يوصفون بالولاية في طبقات الشعراني -: " من كانت له حاجة فليأت إلى قبري ويطلب حاجته أقضيها، فإن ما بيني وبينكم غير ذراع من تراب، وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب فليس برجل ".

* ويقول أحمد الفرغلي - وهو كذلك من أولياء طبقات الشعراني -: " أنا من المتصرفين في قبورهم, من كانت له حاجة فليأت إلى قبالة وجهي ويذكرها أقضيها له ".

وهم بذلك يبنون تلك العقائد على ما اكتسبوه من الفلسفة اليونانية الوثنية فهذا عبدالمجيد الخاني النقشبندي يقول: " اعلم أيها الأخ المؤمن أن الرابطة عبارة عن ربط القلب بالشيخ الكامل، وحفظ صورته بالخيال ولو عند غيبته أو بعد وفاته، ولها صور أهونها أن يتصور المريد صورة شيخه الكامل بين عينيه، ثم يتوجه إلى روحانيته في تلك الصورة، ولا يزال متوجهاً إليه بكليته حتى تحصل له الغيبة أو أثر الجذب ... وهكذا يداوم على الرابطة حتى يفنى عن ذاته وصفاته في صورة الشيخ ... فتربيه روحانية الشيخ بعد ذلك إلى أن توصله إلى الله تعالى ولو كان أحدهم في المشرق والآخر في المغرب فبالرابطة يستفيض الأحياء من الأموات المتصرفين ".

وبعبارة أدق وأرصن وأكثر تقعيداً يقول الغزالي: " أما التقرب لمشاهد الأنبياء والأئمة عليهم الصلاة والسلام فإن المقصود منه الزيارة والاستمداد من سؤال المغفرة وقضاء الحوائج من أرواح الأنبياء والأئمة عليهم الصلاة والسلام، والعبارة عن هذا الإمداد الشفاعة، وهذا يحصل من جهتين: الاستمداد من هذا الجانب والإمداد من الجانب الآخر، ولزيارة المشاهد أثر عظيم في هذين الركنين أما الاستمداد فهو بانصراف همة صاحب الحاجة باستيلاء ذكر الشفيع والمزور على الخاطر حتى تصير كلية همته مستغرقة في ذلك، ويقبل بكليته على ذكره وخطوره بباله، وهذه الحالة سبب منبه لروح ذلك الشفيع أو المزور حتى تمده تلك الروح الطيبة بما يستمد منه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير