تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما سئل شيخ الاسلام عن كتاب فصوص الحكم قال: 'ما تضمنه كتاب (فصوص الحكم) وما شاكله من الكلام: فإنه كفر باطنا وظاهرا، وباطنه اقبح من ظاهره. وهذا يسمى مذهب اهل الوحدة، واهل الحلول، واهل الاتحاد. وهم يسمون انفسهم المحققين. وهؤلاء نوعان: نوع يقول بذلك مطلقا، كما هو مذهب صاحب الفصوص ابن عربي وامثاله: مثل ابن سبعين، وابن الفارض، والقونوي والششتري والتلمساني وامثالهم ممن يقول: ان الوجود واحد، ويقولون: ان وجود المخلوق هو وجود الخالق، لا يثبتون موجودين خلق احداهما الاخر، بل يقولون: الخالق هو المخلوق، والمخلوق هو الخالق. ويقولون: ان وجود الاصنام هو وجود الله، وان عباد الاصنام ما عبدوا شيئا الا الله. ويقولون: ان الحق يوصف بجميع ما يوصف به المخلوق من صفات النقص والذم.

ويقولون: ان عباد العجل ما عبدوا الا الله، وان موسى انكر على هارون لكون هارون انكر عليهم عبادة العجل، وان موسى كان بزعمهم من العارفين الذين يرون الحق في كل شيء، بل يرونه عين كل شيء، وان فرعون كان صادقا في قوله: انا (ربكم الاعلى) بل هو عين الحق، ونحو ذلك مما يقوله صاحب الفصوص. ويقول اعظم محققيهم: ان القرآن كله شرك، لانه فرق بين الرب والعبد، وليس التوحيد الا في كلامنا.

فقيل له: فإذا كان الوجود واحدا، فلم كانت الزوجة حلالا والام حراما؟ فقال: الكل عندنا واحد، ولكن هؤلاء المحجوبين قالوا: حرام. فقلنا: حرام عليكم' (الفتاوى 2/ 364 ـ 365).

وقال ابن تيمية ايضا: 'وقد صرح ابن عربي وغيره من شيوخهم بانه هو الذي يجوع ويعطش، ويمرض ويبول ويَنكِح ويُنكَح، وانه موصوف بكل عيب ونقص لان ذلك هو الكمال عندهم، كما قال في الفصوص، فالعلي بنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستقصى به جميع الامور الوجودية، والنسب العدمية: سواء كانت ممدوحة عرفا وعقلا وشرعا، او مذمومة عرفا وعقلا وشرعا وليس ذلك الا لمسمى الله خاصة' (الفتاوى 2/ 265).

ويعتذر شيخ الاسلام عن الافاضة في بيان عقيدة هؤلاء القوم والتحذير منهم قائلا: 'ولولا ان اصحاب هذا القول كثروا وظهروا وانتشروا، وهم عند كثير من الناس سادات الانام، ومشايخ الاسلام، واهل التوحيد والتحقيق. وافضل اهل الطريق، حتى فضلوهم على الانبياء والمرسلين، واكابر مشايخ الدين: لم يكن بنا حاجة الى بيان فساد هذه الاقوال، وايضاح هذا الضلال.

ولكن يعلم ان الضلال لا حد له، وان العقول اذا فسدت: لم يبق لضلالها حد معقول، فسبحان من فرق بين نوع الانسان، فجعل منه من هو افضل العالمين، وجعل منه من هو شر من الشياطين، ولكن تشبيه هؤلاء بالانبياء والاولياء، كتشبيه مسيلمة الكذاب بسيد اولي الالباب، وهو الذي يوجب جهاد هؤلاء الملحدين، الذين يفسدون الدنيا والدين' (الفتاوى 2/ 357 ـ 358)،

وقال في وجوب انكار هذه المقالات الكفرية، وفضح اهلها: 'فهذه المقالات وامثالها من اعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها وانه باطل، والواجب انكارها، فإن انكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين اولى من انكار دين اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون، لاسيما واقوال هؤلاء شر من اقوال اليهود والنصارى وفرعون، ومن عرف معناها واعتقدها كان من المنافقين، الذين امر الله بجهادهم بقوله تعالى: 'جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم' والنفاق اذا عظم كان صاحبه شرا من كفار اهل الكتاب، وكان في الدرك الاسفل من النار. وليس لهذه المقالات وجه سائغ، ولو قدر ان بعضها يحتمل في اللغة معنى صحيحا فإنما يحمل عليها اذا لم يعرف مقصود صاحبها، وهؤلاء قد عرف مقصودهم، كما عرف دين اليهود والنصارى، ولهم في ذلك كتب مصنفة، واشعار مؤلفة، وكلام يفسر بعضه بعضا.

وقد علم مقصودهم بالضرورة، فلا ينازع في ذلك الا جاهل لا يلتفت اليه، ويجب بيان معناها وكشف مغزاها لمن احسن الظن بها، وخيف عليه ان يحسن الظن بها او ان يضل، فإن ضررها على المسلمين اعظم من ضرر السموم التي يأكلونها ولا يعرفون انها سموم، واعظم من ضرر السراق والخونة، الذين لا يعرفون انهم سراق وخونة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير