و «الوطن» اذ تواصل اليوم فتح صفحاتها لتفاعلات هذه المناقشات والمساجلات بين علماء المسلمين، انما تؤكد ان ادب الاختلاف من اجل الآداب التي حرص الاسلام على تأكيد حضورها، وافساح المجال واسعا للحوار دون ان يفسد الاختلاف في الرأي للود قضية.
واليوم تنشر «الوطن» ما جاء من الامام والخطيب بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الداعية عبدالرحمن عبدالخالق المعنون بـ
«رد على ردود»
السجود لغير الله شرك
وفيما يلي نص الرد:
كتب أكثر من أخ وشيخ ردودا على مقالنا «الطواف بالقبور جريمة مركبة» وهذا رد على ما جاء في هذه المقالات من الشبهات والاعتراضات.
أولا: السجود أشرف انواع العبادات
السجود اشرف انواع العبادات وأعلاها درجة، وهي عبادة الملائكة والسموات والأرض وجميع المخلوقات، قال تعالى عن الملائكة: (ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) وقال تعالى: (او لم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ہ ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ہ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمون).
وقال تعالى: (ألم تر ان الله يسجد له من في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) وقوله تعالى: (واعبدوا ربكم) بعد الامور بالسجود والركوع هو من باب ذكر العام بعد الخاص.
وقد سميت الصلاة كلها سجودا وركوعا، فتقول سجدت سجدتين وركعت ركعتين، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
والسجود عبادة اختص الله بها نفسه في شريعة الاسلام المنزلة على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تحل تعظيما وتكريما لاحد لا لرسوله ولا لغيره كما قال صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرا آحدا ان يسجد لاحد، لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها».
ثانيا: السجود لغير الله شرك:
ومن اجل هذا اجمعت الامة على انه لا نسجد الا لله، وان من سجد لغيره فقد اشرك بالله لان حقيقة الشرك هي صرف شيء مما لا يجوز الا لله لغيره، فمن صرف شيئا من العبادة صلاة او صياما او نذرا او طوافا او غير ذلك من شؤون العبادات والقربات لغير الله فقد كفر وأشرك شركا اكبر ينقله عن ملة الاسلام.
بل ذهبت طائفة من اهل العلم الى ان السجود لغير الله من الكفر الذي لا يعذر فاعله بالاضطرار كما جاء في تفسير القرطبي عن محمد بن الحسن الشيباني: «ذهبت طائفة من العلماء الى ان الرخصة انما جاءت في القول، وأما في الفعل فلا رخصة فيه مثل ان يكرهوا على السجود لغير الله، او الصلاة لغير القبلة، او قتل مسلم او ضربه او اكل ماله او الزنى وشرب الخمر وأكل الربا يروى هذا عن الحسن البصري رضي الله عنه وهو قول الاوزاعي وسحنون من علمائنا وقال محمد بن الحسن اذا قيل للاسير اسجد لهذا الصنم والا قتلتك فقال ان كان الصنم مقابل القبلة فليسجد وتكون نيته لله تعالى وان كان لغير القبلة فلا يسجد وان قتلوه والصحيح انه يسجد وان كان لغير القبلة وما احراه بالسجود حينئذ في الصحيح «عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة الى المدينة على راحلته حيث كان وجهه قال وفيه نزلت «فاينما تولوا فثم وجه الله».
وقال ابو عمر ابن عبد البر في التمهيد: «الوثن: الصنم وهو الصورة من ذهب كان او من فضة، او غير ذلك من التمثال، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن، صنما كان او غير صنم، وكانت العرب تصلي الى الاصنام وتعبدها، فخشي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على امته ان تصنع كما صنع بعض من مضى من الامم: كانوا اذا مات لهم نبي، عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم، فقال- صلى الله عليه وسلم-: اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى اليه، ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك، وكان رسول الله- صلى الله عليه و سلم- يحذر اصحابه وسائر امته من سوء صنيع الامم قبله، الذين صلوا الى قبور انبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا، كما صنعت الوثنية بالاوثان التي كانوا يسجدون اليها ويعظمونها، وذلك الشرك الاكبر، فكان الني- صلى
¥