تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلم- يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وانه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم».

«التمهيد45/ 5».

وقال عبدالرشيد الحنفي في الفاظ الكفر: «اذا قال اهل الحرب لمسلم: اسجد للملك والا قتلناك فالافضل ألا يسجد لان هذا كفر صورة، والافضل ألا يأتي بما هو كفر صورة وان كان في حالة الاكراه، من سجد للسلطان بنية العبادة او لم تحضره فقد كفر، ومن سجد لهم ان اراد به التعظيم كفر، وان اراد التحية اختار بعض العلماء: ألا يكفر وقال بعضهم يكفر مطلقا» (ص113/).

ثالثا: معنى سجود الملائكة لادم وسجود اخوة يوسف له:

ولا يقدح في هذا الامر، امر الله سبحانه وتعالى الملائكة بالسجود لادم، ولا سجود إخوة يوسف وابويه له، ولا سجود معاذ للنبي- صلى الله عليه وسلم- فاما سجود الملائكة لآدم فقد كان بامر الله لهم قال تعالى: «واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس .. » الاية، والله يامر عباده بما شاء سبحانه وتعالى، وقد كان ذلك تشريفا وتكريما لهذا المخلوق الذي خلقه سبحانه بيديه، قال تعالى لابليس: «ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي».

وقد قالت الملائكة قبل خلق ادم لما قال لهم الله تعالى: «اني جاعل في الارض خليفة» «اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء» فاراهم الله سبحانه وتعالى من هذا المخلوق علما لا يعلمونه، وعلى كل حال لقد كان تكريم ادم بسجود الملائكة له تكريما بامر الله- سبحانه وتعالى- ولا يمنع ان يامر الله- سبحانه وتعالى- ملائكته بالسجود لآدم تكريما له مع انهم يعبدون الله بالسجود له- سبحانه وتعالى- كما قال عنهم: «إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون» وتقديم المعمول على العامل هنا يفيد الحصر، اي انهم لا يسجدون الا له سبحانه، فإن سجود الملائكة لادم فرد مخصوص وهو عبادة لله كذلك بامتثالهم امر ربهم سبحانه وتعالى.

ومن هذا سجود اخوة يوسف وابويه له، فان هذا بامر من الله سبحانه وتعالى فان الرؤيا التي رآها يوسف وقصها على ابيه رؤيا حق، وقد علم يعقوب تأويلها يوم قصها يوسف عليه، وقال لابنه: «كذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى ال يعقوب كما اتمها على ابويك من قبل ابراهيم واسحاق ان ربك حكيم عليم».

وقد كان يعقوب نبيا، واسحاق نبيا، وابراهيم نبيا، وعلم يعقوب ان ابنه يوسف سيكون نبيا بعد ان رأى هذه الرؤيا.

وقد نبأه الله وحيا كذلك وهو في الجب «واوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون» وسواء كانت رؤيا يوسف جزءا من النبوة والوحي اليه قبل البلوغ وكذلك وهو في الجب وحي نبوة او كانت من ارهاصات النبوة كما كان بشأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين اول ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح.

والشاهد ان سجود يعقوب عليه السلام واخوته له انما كان بامر الهي تكريما من الله لهذا الابن البار بوالديه، الكريم مع اخوته الذين اساؤوا اليه فصفح عنهم ولم يثرب عليهم، قال تعالى عن يوسف «ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» الاية.

ولا ينقض هذا ألا يكون السجود في شريعتنا الا الله، فان الله الذي امر اخوة يوسف بالسجود له، لم يأمر الصحابة بالسجود للنبي علما بأن فضل النبي على اصحابه وامته اكبر من فضل يوسف على أبويه واخوته. قال تعالى: «النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم» وقال تعالى: «لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم».

وقد امرنا الله بتعظيمه وتوقيره وتعزيره، وحبه فوق كل مخلوق، فقال سبحانه وتعالى: «انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا».

ومع ذلك لم يشرع لنا الله سبحانه وتعالى توقيرا للنبي وتعظيما له ان نسجد له بل جعل السجود عبادة خاصة به سبحانه وتعالى، ولذلك اتفقت الامة على ان السجود لغير الله في شريعتنا كفر وشرك، وانه لا يسجد لغير الله على وجه من الوجوه عبادة او تكريما وتعظيما فاننا نهينا عن كذلك، وجعل السجود خاصا بالله جل وعلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير