تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يقدح كذلك في ان السجود لغير الله كفر وشرك، ان معاذا لما سجد للرسول لم يكفره رسول الله، وذلك لانه سجد مجتهدا متأولا ظانا ان رسول الله احق بالتعظيم سجودا من البطارقة الذين تسجد لهم النصارى فبين له الرسول الحق وانه لا يسجد الا لله.

والمخطئ لا يكفر كما قال تعالى: «وجاوزنا ببني اسرائيل البحر فأتوا على قوم بعكفون على اصنام لهم قالوا يا موسى لنا الها كما لهم الهة، قال انكم قوم تجهلون» الاية، ولم يقل لهم قد كفرتم فجددوا ايمانكم، علما انه لا كفر اكبر من عبادة الاوثان.

وكذلك قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم- عندما قال له مسلمة الفتح: «اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواط» فقال رسول الله: «الله اكبر، انها السنن قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال بنو اسرائيل لموسى «اجعل لنا الها كما لهم الهة» والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم» ولم يقل قد كفرتم.

والشاهد ان الجاهل والمخطئ اذا قال الكفر او عمل به يعلم ويبين له، ولا يكفر من فعل كفرا الا بعد اقامة الحجة والبيان.

واما نفي ان يكون طلب عبادة الاوثان كفرا لان موسى لم يقل لقومه «كفرتم» وان السجود لغير الله كفر لان رسولنا- صلى الله عليه وسلم- لم يقل لما سجد له «كفرت» وان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقل لمن قال: «اجعل لنا ذات انواط» كفرتم.

اقول نفي ان تكون عبادة الاوثان والسجود لغير الله والتبرك بشجرة تشبها بالكفار كفرا وحماقة وجهل من قائله ..

رابعا: السجود لغير الله شرك ويستلزم شركا اخر:

وما نحن بصدده في المقال الفائت «الطواف بالقبور جريمة مركبة من الشرك والكفر والمحادة لامر الله ورسوله» في السجود للقبور ونحوها، فهذا مما لا يخالف فيه ذو بصيرة انه من الكفر البواح والشرك الجلي، ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى فان من يسجد للقبر يرتكب مجموعة من الجرائم: الاولى: انه سجد لغير الله سبحانه و تعالى والسجود لغير الله في شريعتنا شرك لانها صرف عبادة لغير الله.

وثانيا: لانه تعظيم منا لما امر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بازالته وزواله وهو البناء على القبور، وثالثا: ان يجمع مع السجود بالضرورة انواعا اخرى من الشرك كدعاء غير الله فان من يسجد يدعو من سجد له، وقد قال الله تعالى: (ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين).

خامسا: الداعون الى الشرك:

والعجب ممن يقف على هذا الشرك الصراح والكفر الجلي، ان يقوم بالقاء الشبهات على الناس فيجعلون الطواف والسجود لهذه القبور ليس شركا وانه من باب سجود الملائكة لآدم وسجود اخوة يوسف له، وهم يعلمون ان كثيرا من المسلمين اليوم يعطون من العبادات لهذه القبور مثل ما يقترب به الى الله من الدعاء والذبح والنذر والطواف، والسجود والركوع وطلب الحاجات وتفريج الكربات.

سادسا: وصف الشرك بالحرام فقط تدليس وتلبيس.

ولاشك ان القول بان هذا حرام دون بيان انه شرك وكفر فيه تدليس وتلبيس على عموم الناس، فان الحرام قد يكون صغيرة، وقد يكون كبيرة، وقد يكون شركا وكفرا، فترك الصلاة مثلا غير الزنا، وغير شرب الخمر، وغير من يكذب ليضحك الناس ويغتابهم، وينقل حديث الناس دون تثبت، وهذا غير سب الله وسب رسوله وسب دين الاسلام والسجود لغيره، ودعاء غيره والذبح لغيره .. والاسلام فرق بين المعاصي كبارا وصغارا، وبين الكفر والشرك، فلا يجوز لعالم ان يقول في قول او عمل من اعمال الكفر والشرك انه حرام دون بيان حكمه، فان الشرك لا يغفره الله لمن مات عليه، واما ما دون الشرك فيغفره الله لمن شاء وان مات غير تائب منه.

وعبارتنا التي اعترض عليها بعض الاخوة وكتب ردا على مقالنا السابق: «اما ما حكم الله بانه شرك وكفر فليس وسيلة للتقرب اليه، بل سبب لسخطه وغضبه وعقابه، فمن جعل دعاء غيره دعاء عبادة او سجد لغيره او ذبح لغيره او صرف شيئا من العبادة التي اختص الله بها نفسه فهو مشرك».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير