تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا فإنَّه يترتَّب على العناية بالقواعد المأثورة والأصول الكليّة المنقولة عن السلف الصالح -رحمهم الله- من الفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلاّ الله؛ لأنَّ فيها كما يقال وضعُ النقاط على الحروف، وفيها تجليةٌ للأُمور، وتوضيحٌ للمسائل، وإزالةٌ للّبْس، وأَمْنٌ من الخَلْط، إلى غير ذلك من الفوائد.

الفصل الأوَّل

في تخريج هذا الأثر، وبيان ثبوته،

وذكر الشواهد عليه من الكتاب والسنة

وأقوال السلف الصالح

المبحث الأوَّل: تخريج هذا الأثر وبيان ثبوته عن الإمام مالك -رحمه الله-

لقد اشتهر هذا الأثر عن الإمام مالك -رحمه الله- شهرة بالغة، ورواه عنه طائفة من تلاميذه، وهو مرويٌّ عنه من طرق عديدة، وقد حَظِي باستحسان أهل العلم، وتلقَّوه بالقبول، وهو مخرَّج في كتب عديدة من كتب السنة.

وفيما يلي ذكرٌ لما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر مع ذكر مخرِّجيها، وما وقفت عليه من كلام أهل العلم في بيان ثبوته.

1 ـ رواية جعفر بن عبد الله ()

قال الحافظ أبو نعيم في الحلية: حدّثنا محمد بن علي بن مسلم العقيلي، ثنا القاضي أبو أميَّة الغلابي، ثنا سلمة بن شبيب ()، ثنا مهدي بن جعفر ()، ثنا جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكتُ بعود في يده حتى علاه الرّحضاء ـ يعني العرق ـ ثمَّ رفع رأسه ورمى بالعود وقال: ((الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، وأمر به فأُخرج ().

ورواه الإمام أبو إسماعيل الصابوني في كتابه ((عقيدة السلف)) قال: أخبرنا أبو محمد المخلدي العدل، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسن، حدّثنا سلمة بن شبيب به، وذكر نحوَه، إلاّ أنّه قال: ((الكيف غير معلوم)) ().

ورواه أيضاً الإمام الصابوني من طريق أخرى قال: أخبرنا به جدّي أبو حامد أحمد بن إسماعيل، عن جدّ والدي الشهيد، وأبو عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني، حدّثنا محمد بن أحمد ابن أبي عون النسوي، حدّثنا سلمة بن شبيب به ().

ورواه الحافظ اللالكائي في شرح الاعتقاد من طريق علي بن الربيع التميمي المقري قال: ثنا عبد الله بن أبي داود قال: ثنا سلمة ابن شبيب به، باللفظ السابق ().

وتابعه بكّار بن عبد الله () عن مهدي بن جعفر عن مالك، ولم يذكر شيخه جعفر بن عبد الله.

أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ()، أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: حدّثنا عبد الله بن يونس قال: حدّثنا بقيُّ بن مخلد قال: حدّثنا بكار بن عبد الله القرشي قال: حدّثنا مهدي بن جعفر عن مالك ابن أنس أنَّه سُئل عن قول الله ?: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، قال: فأطرق مالك ثم قال: ((استواؤه مجهول ()، والفعل منه غير معقول، والمسألة عن هذا بدعة)).

وتابعه أيضاً الإمام الدارمي، قال في كتابه الردّ على الجهميّة: حدّثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا جعفر بن عبد الله ـ وكان من أهل الحديث ثقة ـ عن رجل قد سمّاه لي، قال: جاء رجل إلى مالك ابن أنس، وذكره ().

فزاد في إسناده بعد جعفر بن عبد الله: ((عن رجل)).

ومهدي بن جعفر صدوق له أوهام وقد اضطرب في روايته لهذه القصة، فرواها مرّة عن شيخه جعفر بن عبد الله عن مالك، ورواها مرّة أخرى عن شيخه جعفر عن رجل عن مالك، ورواها مرّة ثالثة عن مالك مباشرة، وهذا الاضطراب الذي في هذه الطريق لا ينفي صحة القصة؛ لأنَّها قد جاءت من طرق أخرى تعضدها وتقوِّيها -كما سيأتي-.

2 ـ رواية عبد الله بن وهب ()

قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران ()، ثنا أبي ()، حدّثنا أبو الربيع بن أخي رشدين ابن سعد () قال: سمعت عبد الله بن وهب يقول: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استواؤه؟، قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: ((الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج)) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير