تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رابعة العدوية .. و فقيه: يحكم بينهم شيخ الإسلام]

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 04 - 04, 11:28 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على قائد الغر المحجلين، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهنا خاطرة كثيرة العبور على الخاطر، وهي تقصير كثير من أرباب العلوم (أعني الشرعية، وفروعها) في جانب العبادة (الخاص)، والتقليل من شأنها ـ أحيانا ـ حالا، أو مقالا، حتى أو قع هذا عند بعض العامة، وكذا من العباد أحيانا نفرة من العلم، بل وربما من أهله!

وقلة هم من عنوا بالأمرين معا خصوصا في هذه الزمان، وخصوصا من الشباب!

فيا لله كم فينا من الزهد في العبادات، والتقصير في النوافل، والمستحبات؟

حتى كننا نتعلم العلم لنتركه! وندرس الفضائل لمجانبتها!

واستوقفتني كثيرا كلمة لشيخ قارب الثمانين من عمره قد سأله بعض طلبة العلم من أبناء أخيه عن بعض أقاربهم .. (أسئلة في النسب) فقال: تتعلمون من أنسابكم ما تقطعون به أرحامكم!

ونحو هذا كثير مما لا يخفى .. فقف قليلا، واسأل نفسك كم من الفضائل تعلمين، وكم منها تعملين! ألا تعقلين ... في الخاطر نفثات، والحر تكفيه الإشارة ..

وهنا استشكال فيه شبه من بعض ما أشير إليه عُرِضَ على الإمام الحبر العالم العابد المحتسب المجاهد .... ؛ فأجاب بجواب غاية في الحسن، لكن قصر في زيادة التفصيل عدم اتساع الكاغد ... وهذا نصه:

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوي 11/ 395 - 400:

ما الحكمة في أن المشتغلين بالذكر، والفكر، والرياضة، ومجاهدة النفس، وما أشبهه يفتح عليهم من الكشوفات، والكرامات، وما سوى ذلك من الأحوال ـ مع قلة علمهم، وجهل بعضهم ـ ما لا يفتح على المشتغلين بالعلم، ودرسه، والبحث عنه حتى لو بات الإنسان متوجها مشتغلا بالذكر، والحضور لابد أن يرى واقعة، أو يفتح عليه شيء،

ولو بات ليلة يكرر على باب من أبواب الفقه لا يجد ذلك حتى إن كثيرا من المتعبدين يجد للذكر حلاوة،ولذة، ولا يجد ذلك عند قراءة القرآن مع أنه قد وردت السنة بتفضيل العالم على العابد لا سيما إذا كان العابد محتاجا إلى علم هو مشتغل به عن العبادة ففي الحديث" إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع "،" وإن العلماء ورثة الأنبياء "، " وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب". وفى الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال:" إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل للعابدين والمجاهدين: ادخلوا الجنة، فيقول العلماء بفضل علمنا عبدوا، وجاهدوا، فيقول الله عز وجل لهم: أنتم عندي كملائكتي اشفعوا، فيشفعون ثم يدخلون الجنة ".

وغير ذلك من الأحاديث والآثار ثم إن كثيرا من المتعبدين يؤثر العبادة على طلب العلم مع جهله بما يبطل كثيرا من عبادته: كنواقض الوضوء، أو مبطلات الصلاة، والصوم، وربما يحكى بعضهم حكاية في هذا المعنى: بأن رابعة العدوية رحمها الله أتت ليلة بالقدس تصلي حتى الصباح، وإلى جانبها بيت فيه فقيه يكرر على باب الحيض إلى الصباح، فلما أصبحت رابعة قالت له: يا هذا وصل الواصلون إلى ربهم وأنت مشتغل بحيض النساء، أو نحوها .. فما المانع أن يحصل للمشتغلين بالعلم ما يحصل للمشتغلين بالعبادة مع فضله عليه؟

فأجاب:

الحمد لله رب العالمين لا ريب أن الذي أوتى العلم، والإيمان أرفع درجة من الذين أوتوا الإيمان فقط كما دل على ذلك الكتاب، والسنة، والعلم الممدوح الذي دل عليه الكتاب، والسنة هو العلم الذي ورثته الأنبياء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه اخذ بحظ وافر".

وهذا العلم ثلاثة أقسام:

علم بالله وأسمائه وصفاته وما يتبع ذلك .. ، وفى مثله أنزل الله سورة الإخلاص، وآية الكرسي،ونحوهما.

و القسم الثاني: العلم بما أخبر الله به مما كان من الأمور الماضية، وما يكون من الأمور المستقبلة، وما هو كائن من الأمور الحاضرة وفي مثل هذا: أنزل الله آيات القصص، والوعد، والوعيد، وصفة الجنة، والنار، ونحو ذلك ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير