[الفناء الصوفي هل هو غاية التوحيد للاخ الفاضل مختار طيباوي]
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[13 - 10 - 03, 05:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حوار مع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
الحلقة الثالثة
الفناء الصوفي بين الحق الموجود و الحق المقصود
الفناء الصوفي بين الحق الموجود والحق المقصود
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لانبي بعده
أما بعد، فهذه الحلقة الثالثة من حوارنا الشهري مع الدكتور البوطي فيما انتقده على أهل السنة و الجماعة السلفيين خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية، وفي هذه الحلقة سنخوض معه في مسألة عظيمة عند بعض أهل التصوف وهي مسألة "الفناء"، وقد يجد بعض الناس أنهم غير معنيين بهذه المسألة، لأنهم لم يدركوا بعد مكانتها عند غيرهم من المسلمين، أو لأنهم لم يدكوا أقوم السبل للدعوة إلى الله، فإن الحق المقصود وهو الحق الذي دل عليه الكتاب و السنة، والذي يوافق مراد الله لا يتم تصوره في ظل إنكار الحق الموجود، و الحق الموجود هو الحق الكوني أي: الأمور التي قدرها الله و كونها بأمر التكوين، أما الحق المقصود فهو الدين الذي أمرنا به الله و نهانا عن خلافه.
ومتى أنكرنا للصوفي ما يجده من ذوق، أو ما يقع فيه من أحوال، و إن خالفت الشرع، نكون قد أنكرنا الحق الموجود، و لم نصدق في الإخبار عنه، و بالتالي سنعجز عن بيان الحق المقصود و الإرشاد إليه.
يخلط كثير من الناس بين الحق الموجود و الحق المقصود، فكلما وجدوا لشيء ما منفعة في دينهم أو دنياهم تمسكوا به و اعتنوا به، و أنكروا على الذي ينكره، إذ اعتقدوا أنّه من الدين ما دام هو حق.
و من هذه الأمور المصطلحات الكلامية و الصوفية: كلفظ الجوهر، و الهيولي و الصورة، و الحيز و العرض و الفناء و البقاء، و المقامات و الأحوال.
فمثل هذه الأمور موجودة، و بعضها موجود من زمن الفلاسفة، و هي عمدة المتكلمين و الصوفيين التي بنووا عليها عقائدهم في الأسماء و الصفات، وفي العبادة و الزهد، فإنكارها دون بيان أنّها من الباطل أو البدع في الدين، و عدم بيان أن معانيها لا توافق الكتاب و السنة إنكار للحق الموجود، و كذب في الإخبار عنه، فليس هذا إلا جهلا بهذا الحق الموجود.
فإذا عرفت أنّها محدثة في الدين، وجب عليك بيان الباطل الذي تحويه، عرفت إذ ذاك أنّها ليست من الحق المقصود، أي الحق الذي وصانا الله بطلبه و إرادته، فالحق المقصود هو الذي دلّ عليه الكتاب و السنة، وعليه، فإن أولئك الذين أنكروا على شيخ الإسلام و تلميذه ابن القيم إيرادهم هذه المصطلحات في كتبهم حتى قال أحدهم عن كتاب " مدارج السالكين «لابن القيم: " ليت ابن القيم لم يكتبه ".
فهؤلاء لم يعلموا أن الشيوخ أوردوها لبيان حقيقتها، و تحذير المسلمين منها، و دعوة المتكلمين بها إلى الاعتصام بألفاظ القرآن و السنة، فهؤلاء لم يعرفوا الحق الموجود، و لم يصدقوا في الإخبار عنه، و إن عرفوا الحق المقصود فإنهم لم يرشدوا إليه، و لم يأمروا به، فلم يكن كلامهم إلاّ مجرد غمز في أئمة عرفوا الحق الموجود فبينوه، و عرفوا الحق المقصود فأرشدوا إليه.
و عليه نقول لهؤلاء: إذا عرض للإنسان إشكال سأل حتى يتبين له الصواب و لا يتكلم بغير علم، و إلا كان همزة لمزة، طعان عياب، من الذين تحملهم محبة الشرف و المشيخة على انتقاص غيره بالهمزة و اللمزة، فإن محبة المال تدعوا إلى البخل، و محبة الشرف و المشيخة تدعوا إلى المنافسة، و لذلك قال تعالى: (الذي جمع مالا وعدده) (الهمزة:2).
قال الشافعي في " الرسالة (فقرة 132/ 41): " فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلاّ من حيث علموا".
فإذا عرفت ما هو الحق الموجود، وماهو الحق المقصود، وعرفت أنه لا يمكنك الدعوة إلى الحق المقصود إن لم تعرف الحق الموجود، و في أي شيء يخالف الحق المقصود، فعلى هذا الأساس نخوض في هذه المسألة المعقدة، وعلى الله التكلان و إليه الوجه و العمل.
الموضوع:
¥