ففي هذه الآية انقسم الدين إلى قسمين (من جهة الضد)
1 - قسم هو الشرك وضده هو التوحيد أو الإسلام العام
2 - وقسم هو ما دون الشرك وضده هو الإيمان الواجب والكامل
وهذا التوحيد الذي ضده الشرك هو أصل الدين وهو ما ندندن حوله نريد إثباته ونضع حدوده وخصائصه وهو أصل الدين الذي لا يقبل الله غيره من الأولين والآخرين.
-قال صلى الله عليه وسلم " الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " فليس الإتيان بلا إله إلا الله كالإتيان بإماطة الأذى عن الطريق هذا أمر معروف ولابد من تمييز أصل الدين عن فرعه حتى لا تلتبس المفاهيم وتغيب الحقائق كما هو الآن واقع.
- لهذا ولغيره أكتب هذه الورقات التي أوضح فيها أن هذا التقسيم معروف ومقرر لدى أهل العلم بل ما من أحد استعمله وتواتر عنه مثل شيخ الإسلام رحمه الله في كل مؤلفاته فأقول والله الموفق:
إن كلام شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله الذي ذكره في بعض مواضع من كتبه والذي يحتج به من يذهب إلى نفي هذا التقسيم ليس في نفي ذات التقسيم وإنما نفاه رحمه الله بحسب ما تعلق به من أحكام باطلة عند أهل البدع.
وهذا أمر مقرر عند شيخ الإسلام رحمه الله في نفي الأسماء والأحكام يقول رحمه الله في:
مجموع الفتاوى ص جـ7 صـ420:
"… وجماع الأمر أن الاسم الواحد ينفي ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به فلا يجب إذا اثبت أو نفي في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام وهذا في كلام العرب وسائر الأمم لأن المعنى مفهوم مثال ذلك المنافقون قد يجعلون من المؤمنين في موضع وفى موضع آخر يقال ما هم منهم قال الله تعالي قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا فهنالك جعل هؤلاء المنافقين الخائفين من العدو الناكلين عن الجهاد الناهين لغيرهم الذامين للمؤمنين منهم وقال فى آية أخرى ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون وهؤلاء ذنبهم أخف فإنهم لم يؤذوا المؤمنين لا بنهى ولا سلق بألسنة حداد ولكن حلفوا بالله أنهم من المؤمنين فى الباطن بقلوبهم وإلا فقد علم المؤمنون انهم منهم فى الظاهر فكذبهم الله وقال وما هم منكم وهناك قال قد يعلم الله المعوقين منكم فالخطاب لمن كان فى الظاهر مسلما مؤمنا وليس مؤمنا بأن منكم من هو بهذه الصفة وليس مؤمنا بل أحبط الله عمله فهو منكم فى الظاهر لا الباطن .. "
- وهذه القاعدة التي ذكرها شيخ الإسلام هي حقاً قاعدة ذهبية ومن يتأملها يجدها حلاً لكثير من الإشكالات سواء في توجيه كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة وغيرها من المسائل خاصة مسائل الإيمان والكفر أو في كلام الشارع كما بين رحمه الله بالأمثلة السابقة وغيرها موجود في موضعه.
- ذلك وكل من يقرأ لشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله لا يكاد يمر على كتاب من كتبه إلا ويجده مستعملاً لهذا المصطلح وهذا التقسيم وسوف أنقل عنه رحمه الله من ا لنقو لا ت ما يبين ذلك وأنه قد نفى هذا التقسيم باعتبارات معينة أذكرها إن شاء الله وقبل أن أذكرها أنقل ما يحتج به من يذهب إلى نفي هذا التقسيم حيث يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ص جـ23 صـ346:
"……فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له اصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء فى كتبهم وهو تفريق متناقض فانه يقال لمن فرق بين النوعين ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع فان قال مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هى مسائل العمل قيل له فتنازع الناس فى محمد هل رأى ربه أم لا وفى أن عثمان افضل من على أم على افضل وفى كثير من معانى القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هى من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق……"
وقال رحمه الله مجموع الفتاوى ص جـ13 صـ125:
¥