ولقد ضج هؤلاء من شيخ كبير، فدعوه للمناظرة في دارهم وجمعوا له ـ وهو الأصولي الفقيه المحدث بارك الله فيه ـ جمعوا له ثلاثة عشر كبيرًا، كانت النتيجة أن دخل بعضهم في دين الله والحمد لله، وبقي الآخرون في حيرةٍ من أمرهم.
فتدبر هذا أيضًا.
فيا أخي: هذه فقاعات ماء في هواء، لا تظل كثيرًا.
فهون على نفسك.
لكن لا تفهم من كلامي التقليل من شأن المناظرة لهم ومقارعتهم، كلا ... لكن المراد أن نعطي لهؤلاء الأقزام حجمهم القزمي المعهود لهم.
وإنما انتفش هؤلاء حين نفشناهم نحن.
وفي المثل عند ((أم عباس)): ((إيه اللي فرعنك يا فرعون؟ قال: ما لقتش حد يردني)).
فالمسألة كبيرة نعم، لكننا ساعدنا على تكبيرها.
فيا أخي: نحن لا نقلل من جهودكم، ثم لا ننكر الحاجة لهذه الجهود، بل ولا ننكص على أعقابنا، ونقوم بالواجب متى لزمنا ذلك.
غير أن مما لا شك فيه: أن التوحيد أولاً وقبل كل شيء.
وأنت خبير أن الطامة ليست في هؤلاء أو أولئك؛ إنما الطامة في جهل الناس بدينهم.
ولذا يذهب هؤلاء إلى جهال المسلمين غالبًا، ونادرًا ما يذهبون لمن يتلمسون فيها علمًا ما.
ولذا فالواجب في مثل هذا السير على طريقين:
الأول: العلم الشرعي بكل جوانبه التوحيدية والحديثية والفهية والأصولية، وغيرها.
الثاني: محاججة المبتدعة من أعداء الدين؛ كالمترفضين والمتنصرين والمتهودين وغيرهم.
ولا يجوز التهاون في هذين الطريقين، ولا يغني أحدهما عن الآخر.
ومن هنا إذا كان الله قد منحكم الثاني وفتح عليكم به، فيلزمك المواصلة، وتكون آثمًا إن توليت عنه، كما نأثم نحن إن تولينا عن الأول إذا كان الله قد منحنا فيه بعض الفهم.
وهكذا تصح لنا الأمور.
وأظنك توافقني على ذلك بارك الله فيكم.
لكن ما لم أحبه لك: حدتك في العبارة مع المشايخ الأجلاء، فهم إخوانك من قبل ومن بعد، لكني أعلم أن سبب ذلك غيرتك على الدين، ولذا فأنا لا ألومك في حدتك هذه وإن لم أحبها لك.
وأرجو الله عز وجل أن يكون المراد قد وصلك الآن بارك الله فيكم.
ومع هذا فلن أقبل بحالٍ من الأحوال: أن ينخرط في هذا المجال أو ذاك غير ثبت في العلم، قوي في العقيدة والإيمان، وأمر الله عز وجل صريح في ذلك: ((فأعدوا)) والآمر الآخر: ((خذوا حذركم)) فلابد من إعداد علمي وإيماني، يجانبه ويوازيه أخذ الحذر.
والله يوفقك ويرعاك ويسدد خطاك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[يحيى القطان]ــــــــ[10 - 06 - 04, 08:47 م]ـ
وهذه نصائح أرى من الإفادة الإشارة لبعضها:
منها: الحرص الدائم على الطاعات.
ومنها: دوام الاستغفار والتسبيح، وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يأخذ غدوته من الاستغفار ليفتح الله عليه ويعينه على مناظرة المبتدعة، فعليك بذلك.
ومنها: دوام النظر في كتب أهل الإسلام، خاصة كتب علوم الإيمان والعقائد.
ومنها: دوام التفقه في الشرع، خشية أن تنطلي عليك بعض الشبهات.
ومنها: دوام الدعاء.
ومنها: التسمية والاستعانة بالله على هؤلاء.
ومنها: استعلاء الإيمان على الدوام.
ومنها: كثرة المطالعة في علوم أصول الفقه والبحث والمناظرة، لتتكون ملكة في مناظرة الآخرين.
ومنها: دوام المطالعة فيما كتبه علماء الإسلام من مناظرات لهؤلاء القوم.
ومنها: لزوم أهل العلم، والحرص على صحبة العلماء وطلبة العلم، فهذا من أنفع الطرق وأعظمها لتقويم الشخص لنفسه على الدوام.
ومنها: الفطنة لئلا تتسرب بعض أفكارهم إليك.
ومنها: الانسحاب متى كان الانسحاب لازمًا، والحكمة في الانسحاب بما لا يُظْهِر الانقطاع أو الهزيمة لئلا يعظم هذا في نفس الضال ويشجعه على استمرار المسيرة.
وأكتفي بهذا الآن.
ولعل المشايخ الأجلاء يضعون لكم بعض النصائح المعينة لكم في مثل هذا.
بارك الله في الجميع.
وأشكركم جميعًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 06 - 04, 12:21 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ العبد الفقير بارك الله فيك: لماذا هذه الحدة في الخطاب؟
هل هذا بسبب مناظرة النصارى؟ (ابتسامة)
يا أخي بارك الله فيك ... أوردتَ أشياء أنا لم أخالفك فيها!
واعترضت عليّ باعتراضات ليس بها ناقة ولا جمل!
لكن يبدو أنك لم تدقق بما كتبتُ سابقا.
ثم يا أخي لا تظن أن هؤلاء الذين ترميهم بالتقصير لا يهتمون بأمر الإسلام، أو نصرته أو لا يغارون عليه، وأنهم مشتغلون بدنياهم!
لا يا أخي هذا ظن غير صحيح!
وليس كونه لم يشترك مع زيد في عمل معين أنه يكون مقصرا!
لا أبدا، فربما لم يقتنع بجدوى عملك، وله من الأعمال في نصرة الدين، ونشره، والذب عنه أضعاف ما تعمل.
وعلى كل حال أنا ذكرتُ رأيي، وبينتُ وجْهَهُ، ولا ألزمُكَ بِهِ، والأنفعُ لنا أن نلتفتَ لما ينفعُنا.
{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً}
وقد أحسن يحيى القطان في البيان فجزاه الله خيرا.
وهذه (ابتسامة) أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله.
¥