تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عبادته أو اعتقاد يزيد عن الحق فيه صلى الله عليه وسلم من نحو رجعته.

ثم هل يعني كون الشيء مباركاً أن يقصد ازدياره؟ إن قلت نعم فالنقصد الطور ولنلتمس البقعة المباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وفي ذلك مخالفة صريحة لحديث الصحيحين لاتشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد .. والذي كانت مناسبته زيارة بعضهم للطور.

ثم هل يعني كون الشيء مباركاً أن يدعى ويرجى؟ لو قلت نعم وقعنا في أقبح الشرك شرك الأمم من قبلنا الذين كان فيهم الأنبياء والصالحون فلما ماتوا توجهوا إليهم بالدعاء ليقربوهم من الله زلفى.

وهل الشيء المبارك يملك الضر والرشد حياً كان أو ميتاً؟ يجبنا أحد المباركين نوح عليه السلام (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً)، ومحمد صلى الله عليه وسلم يأمره ربه في غير موضع فيقول سبحانه: (قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلاّ ما شاء الله)، وفي الأخرى نفعاً ولا ضراً وفي السنة: (يافطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)، مع أن فاطمة رضي الله عنها كانت مسلمة فقد كانت صغيرة لم يتجاوز عمرها السنوات الثلاث فهي على ما اختاره ابن حجر أصغر بناته صلى الله عليه وسلم تزوجها علي رضي الله عنه بعد أحد وعمرها 15 سنة، الشاهد أنها تبع في إسلامها لأبويها خير نساء العالمين خديجة وخير رجال العالمين محمد صلى الله عليه وسلم.

ومن قال بأن سائر البشر يملكون النفع والضر الذي نفاه صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقوله قريب من قول النمروذ عندما حاجه إبراهيم فقال: رب الذي يحي ويميت فقال أنا أحي وأميت!

وقد قال الجصاص كلمة جيدة في أحكام القرآن قال رحمه الله: "وكانت محاجة الملك الكافر لإبراهيم عليه السلام وهو النمرود بن كنعان , أنه دعاه إلى اتباعه وحاجه بأنه ملك يقدر على الضر والنفع , فقال إبراهيم عليه السلام: فإن ربي الذي يحيي ويميت وأنت لا تقدر على ذلك.

فعدل [أي النمروذ] عن موضع احتجاج إبراهيم عليه السلام إلى معارضته بالإشراك في العبارة دون حقيقة المعنى ; لأن إبراهيم عليه السلام حاجه بأن أعلمه أن ربه هو الذي يخلق الحياة والموت على سبيل الاختراع , فجاء الكافر برجلين فقتل أحدهما وقال قد أمته وخلى الآخر وقال قد أحييته ; على سبيل مجاز الكلام لا على الحقيقة ; لأنه كان عالما بأنه غير قادر على اختراع الحياة والموت".

وهنا يعدل من يقول بأن البشر يملكون الضر والنفع عن حقيقة المعنى كما عدل النمروذ.

ثمإن كان هذا المعنى النسبي المقيد من النفع والضر هو المراد عند من يطلقه فهل يسون النبي صلى الله عليه وسلم بغيره من البشر فيه إذ هو معنى مشاع وقد قالت رسل الله تعالى ما قصه الله علينا: (قالت لهم رسلهم إن نحن إلاّ بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده)، أي بوحيه وما يختصه به مما ثبتت خصوصيته، ولهذا قال محمد صلى الله عليه وسلم ما أمره الله به في قوله: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ

أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ).

فمن قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يضر وينفع بذلك الاعتبار المقيد فليلحق به سائر البشر، ومن خص أحد بغير دليل فعليه البينة لأقامة الحجة على صحة الدعوى.

وفي الختام ينبغي التأكيد على أن ما سبق لايغمط من مكانته صلى الله عليه وسلم فمن من الناس يجهل فضل الشفيع الجليل؟ ومن منا لم يسمع بصاحب المقام المحمود و لم يذكر له حوضه المورود!

نسأل الله أن يجمعنا وإياكم عنده وعلى سنته غير مبدلين ولامغيرين.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 09 - 04, 01:15 م]ـ

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل حارث همام فقد شفيت وكفيت.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير