تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[بو الوليد]ــــــــ[03 - 10 - 04, 08:30 م]ـ

وقال القرطبي في المفهم (6/ 528):

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه):

بسط الرزق: سعته وتكثيره والبركة فيه.

والنسء: التأخير، والأثر: الأجل، سمي بذلك لأنه تابع الحياة.

ومعنى التأخير هنا في الأجل _ وإن كانت الآجال مقدرة في علم الله لا يزاد فيها ولا ينقص _ أنه يبقى بعده ثناء جميل، وذكر حميد، وأجر متكرر، فكأنه لم يمت، وقيل معناه: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبديل له، كما قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) الآية 39 من سورة الرعد. أي أصل المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله تعالى الذي لا يقبل المحو ولا التغيير، حكي معناه عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الآية.

وقال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 14):

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "أو ينسأ له في أثره" إنما زادت صلة الرحم في العمر لأنه إذا جماعة من ذوي رحمه كان حفظ أعمارهم بسببه؛ فكأنه قد طال عمره بطول تلك الأعمار؛ لأنه من القوم.

والحقيقة أن أكثر الأقوال التي اطّلعت عليها فيها نوع تكلف وتناقض، فكل من شرح الحديث أقر زيادة المال بسبب صلة الرحم أو حلول البركة فيه، ولكن عند العمر؛ فإن كلام العلماء يتغير، فهل من قرينة تحمل التأخير للأجل في الحديث (والتي عيارتها في غاية الوضوح والبيان) على البركة في العمر وغير ذلك؟؟

وما المانع من حملها على ظاهرها، حيث إن اللفظة واضحة وهي "أو ينسأ له في أثره"، فلو كان المراد البركة في العمر؛ فلماذا لم يقل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبارك له في عمره؟؟!!

ويكون التغيير في اللوح المحفوظ كما ذكر القرطبي رحمه الله تعالى في القول الثاني بقوله (وقيل معناه: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبديل له، كما قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) الآية 39 من سورة الرعد. أي أصل المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله تعالى الذي لا يقبل المحو ولا التغيير، حكي معناه عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الآية.).

فإذا أقررنا جواز الزيادة في المال، وهو مما لا ينبغي أن يكون حوله جدال، وهو أيضاً مما يكتبه الملك للعبد وهو في بطن أمه، كما في حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، فكذلك العمر والأجل، ومنه دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بطول العمر والبركة في الرزق، فإذا كان التأخير في الأجل لا يقع البتهْ؛ فكيف يصح منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا الدعاء؟! وكيف يسأل ربه ما لا ينبغي أن يكون؟!

وأما الاستدلال في منع وقوع التأخير في الأثر بقوله تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، فلا منافاة بينها وبين الحديث، لأن الاجل الآخر هو الاجل الحقيقي، أو نقول بأن الأجل المكتوب في أم الكتاب هو الأجل الحقيقي، وأما الذي في اللوح وغيره، فهو مما يمحو الله منه ما يشاء ويثبت.

والمسألة تحتاج لمزيد تحرير.

والله أعلم.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 10 - 04, 08:36 م]ـ

للشوكاني رحمه الله رسالة في هذا الباب طبعت بتحقيق مشهور حسن.

ـ[بو الوليد]ــــــــ[04 - 10 - 04, 04:02 ص]ـ

شيخنا الفاضل أبا عمر وفقك الله المولى، وجعل عاقبتك الحسنى.

أرجو منك ذكر اسم الرسالة، وإن أمكن وضع ما رجحه الشيخ رحمه الله تعالى.

وجزاك الله خيراً.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 10 - 04, 09:33 ص]ـ

جزاكم الله خيرا وجعلنا وإياكم من أهل الفردوس الأعلى

أما أسم الرسالة فهو (تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل) وقد طبعت في دار ابن حزم عام 1410 بتحقيق مشهور حسن سلمان، وقد طبعها كذلك صبحي حلاق في فتاوى الشوكاني

وأما رأي الشوكاني في هذا الرسالة فهو يذهب إلى أن الأحاديث الواردة في ذلك على ظاهرها وأن الله يمحو ما يشاء ويثبت، وأن فعل صلة الرحم سبب يزيد الله به العمر

قال رحمه الله في هذه الرسالة ص 31 - 32

(فإعمال بعض ما ورد في الكتاب والسنة وإهمال البعض الآخر ليس كما ينبغي، فإن الكل ثابت عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم والكل شريعة واضحة وطريق مستقيمة والجمع بما لاإهمال فيه لشيء من الأدلة وبيانه أن الله تعالى كما علم أن العبد يكون له في العمر كذا وكذا ومن الرزق كذا وكذا وهو من أهل السعادة والشقاوة قد علم أنه إذا وصل رحمه له في الأجل كذا وبسط له من الرزق كذا وصار في أهل السعادة بعد أن كان في أهل الشقاوة أو صار في أهل الشقاوة بعد أن كان في أهل السعادة وهكذا قد علم ما ينقصه للعبد كما علم أنه إذا دعاه واستغاث به والتجأ إليه صرف عنه الشر ودفع عنه المكروه وليس في ذلك خلف ولامخالفة لسبق العلم بل فيه تقييد المسببات بأسبابها كما قدر الشبع والروي بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر فهل يقول عاقل بأن ربط هذه المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق أو ينافيه بوجه من الوجوه) انتهى.

وهناك رسالة كذلك ليوسف بن مرعي الحنبلي اسمها (إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة والنقصان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير