تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدلالة وهو لا يصلح لذلك لما فيه من الاختلاف في إسناده.

ولما جرى الكلام ثانيا في " رؤية النساء ربهن في الآخرة " استدللت بأشياء أنا أذكرها وما اعترض به علي وما لم يعترض حتى يظهر الأمر فأقول: الدليل على أنهن يرينه أن النصوص المخبرة بالرؤية في الآخرة للمؤمنين تشمل النساء لفظا ومعنى ولم يعارض هذا العموم ما يقتضي إخراجهن من ذلك فيجب القول بالدليل السالم عن المعارض المقاوم. ولو قيل لنا: ما الدليل على أن الفرس يرون الله؟ أو أن الطوال من الرجال يرون الله أو إيش الدليل على أن نساء الحبشة يخرجن من النار؟ لكان مثل هذا العموم في ذلك بالغا جدا إلا إذا خصص ثم يعلم أن العموم المسند المجرد عن قبول التخصيص يكاد يكون قاطعا في شموله بل قد يكون قاطعا. أما " النصوص العامة " فمثل ما في الصحيحين عن أبي هريرة {أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله؛ قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا قال: فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت؛ وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم في صورة غير صورته التي يعرفون فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه فيأتيهم في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيدعوهم فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم} وساق الحديث. وفي الصحيحين أيضا عن {أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فهل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب قالوا: لا يا رسول الله قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما؛ إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغير أهل الكتاب} وذكر الحديث في دعاء اليهود والنصارى إلى أن قال: {حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا؛ فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم؛ فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون نعم فيكشف عن ساق ولا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود؛ ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه؛ ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم}. هذان الحديثان من أصح الأحاديث فلما {قال النبي صلى الله عليه وسلم فإنكم ترونه كذلك؛ يحشر الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه}. أليس قد علم بالضرورة أن هذا خطاب لأهل الموقف من الرجال والنساء؟ لأن لفظ الناس يعم الصنفين ولأن الحشر مشترك بين الصنفين. وهذا العموم لا يجوز تخصيصه وإن جاز جاز على ضعف؛ لأن النساء أكثر من الرجال إذ قد صح أنهن أكثر أهل النار وقد صح لكل رجل من أهل الجنة زوجتان من الإنسيات سوى الحور العين وذلك لأن من في الجنة من النساء أكثر من الرجال وكذلك في النار فيكون الخلق منهم أكثر واللفظ العام لا يجوز أن يحمل على القليل من الصور دون الكثير بلا قرينة متصلة؛ لأن ذلك تلبيس وعي ينزه عنه كلام الشارع. ثم قوله: فيقال {: من كان يعبد شيئا فليتبعه} وصف من الصيغ التي تعم الرجال والنساء؛ ثم فيها العموم المعنوي وهو: أن اتباعه إياه معلل بكونه عبده في الدنيا وهذه العلة شاملة للصنفين. ثم قوله {وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير