"ومنهم من يقول كان الصواب أن لا يكون قتال وكان ترك القتال خيرا للطائفتين فليس في الاقتتال صواب ولكن علي كان أقرب إلى الحق من معاوية والقتال قتال فتنة ليس بواجب ولا مستحب وكان ترك القتال خيرا للطائفتين مع أن عليا كان أولى بالحق وهذا هو قول أحمد وأكثر أهل الحديث وأكثر أئمة الفقهاء وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهو قول عمران بن حصين رضي الله عنه وكان ينهى عن بيع السلاح في ذلك القتال ويقول هو بيع السلاح في الفتنة وهو قول أسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأكثر من بقى من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وبين أن تشخيصه لهذا القتال مبني على جمع جميع النصوص الواردة في الموضوع لا على نص واحد فقال:
"ولهذا كان قتال علي رضي الله عنه للخوارج ثابتا بالنصوص الصريحة وبإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين وأما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة كرهه فضلاء الصحابة والتابعين له بإحسان وسائر العلماء كما دلت عليه النصوص حتى الذين حضروه كانوا كارهين له "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 153
فقال:
"وأما قتال الجمل وصفين فقد ذكر علي رضي الله عنه أنه لم يكن معه نص من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأيا وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال بل أكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وأمثالهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان مع أنهم معظمون لعلي يحبونه ويوالونه ويقدمونه على من سواه ولا يرون أن أحدا أحق بالإمامة منه في زمنه لكن لم يوافقوه في رأيه في القتال وكان معهم نصوص سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم تدلهم على أن ترك القتال والدخول في الفتنة خير من القتال وفيها ما يقتضى النهي عن ذلك والآثار بذلك كثيرة معروفة وأما معاوية فلم يقاتل معه من السابقين الأولين المشهورين أحد بل كان مع علي بعض السابقين ولم يكن مع معاوية أحد وأكثرهم اعتزلوا الفتنة وقيل كان مع معاوية بعض السابقين الأولين وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 333
وقال:
"فيقال الذي ثبت بلا شك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال عن الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامه بن زيد على فخذه ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الاصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة بل كان ذلك أحب إلى الله ورسول من اقتتال المسلمين ولهذا أحبه وأحب أسامه بن زيد ودعا لهما فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة فأما أسامة فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية والحسن كان دائما يشير على علي بترك القتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 39
وهذا الكلام المتعدد من شيخ الإسلام في جعل جميع القتال الذي كان بين الصحابة قتال فيتنة سواء ما كان منه في الجمل أو صفين، يبين عدم صدق الكاتب في قوله في ص 135
" إن ابتعاد شيخ الإسلام عن أسلوب التعميم والتسيط جعله يتعامل مع الفتنة من منطلق التمييز بين السابقين وغيرهم. وهو يميل إلى اعتماد القول القائل إن حرب " الجمل " كانت قتال فتنة، وأن حرب " صفين " كانت قتالا بين أهل بغي وعدل. "
كما بين شيخ الإسلام أن القتال الذي حصل بين الصحابة لم يكن على الملك كما زعم الكاتب.
فقال:
¥