تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الفتح:29)

قال إبن الجوزي رحمه الله تعالى: ((وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور))

قال القرطبي رحمه الله: ((قوله تعالى: {وَعَدَ الله الَّذينَ ءامَنوا} أي: وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة {مَّغفرَةً وأَجراً عظيماً} أي ثواباً لا ينقطع وهو الجنَّة، وليست " من " في قوله {منهم} مبعّضة لقوم من الصحابة دون قوم، ولكنها عامَّة مجنسة مثل قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (الحج:30). لا يقصد للتبعيض؛ لكنه يذهب الى الجنس، أي فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان، إذا كان الرجس يقع من أجناس شتى منها الزنا والربا وشرب الخمرة والكذب، فأدخل "من" يفيد بها الجنس وكذا "منهم" أي: من هذا الجنس، يعني جنس الصحابة.

وقال إبن إدريس رحمه الله: " لا آمن أن يكونوا قد ضارعوا الكفار- يعني الرافضة – لأن الله تعالى يقول: {ليَغيظَ بهمُ الكُفَّار} " تفسير إبن الجوزي ".

قال أبو عروة الزبيري رحمه الله: ((كنا عند مالك فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ مالك هذه الآية: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (الفتح:29).

قال مالك: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب محمد عليه السلام فقد أصابته الآية)) " رواه الخلال، وأبو نعيم وذكره إبن الجوزي مختصراً في تفسيره.

ونقل القرطبي هذا الأثر وعزاه للخطيب ثم قال: ((لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردَّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين)) " تفسير القرطبي ".

قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 8، 10).

قال شيخ الإسلام رحمه الله في " منهاج " [2/ 18 – 19]: " وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار، وعلى الذي جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، وتتضمن أن هؤلاء الأصناف هم المستحقون للفيء.

ولا ريب أن هؤلاء الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة، فإنهم لم يستغفروا للسابقين الأولين، وفي قلوبهم غلّ عليهم. ففي الآيات الثناء على الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم، وإخراج الرافضة من ذلك، وهذا نقيض مذهب الرافضة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير