ولازم المذهب: هل هو مذهب أو لا؟ هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول. والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون و المغربيون ويرون أنه رأى المحققين أيضاً: أن لازم المذهب ليس بمذهب 0
الثاني: أن لازم المذهب مذهب وهو قول الأثرم والخرقي
انظر الفتاوى (35/ 289)، والتخريج د 0 يعقوب ص 290
الثالث: إن لازم المذهب إن كان قريباً فهو مذهب، وإن كان بعيداً فليس مذهباً 0
وقال الكوثري فيما نقله عنه السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص364
" وهذا الاستلزام بين وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بين، فاللازم البين لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البين فلا يُعَدُّ هذا اللازم مذهباً له لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام وهذا هو التحقيق في لازم المذهب ……." انتهى ما أردنا نقله 0
الرابع: التفصيل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في الفتاوى (29/ 42): لازم قول الإنسان نوعان:
أحدهما: لازم قوله الحق فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب 0
والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ثم أن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه لكونه قد قال ما يلزمه وهو لا يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه 0
وهذا القول هو ظاهر كلام الشيخ ابن عثيمين في الكتاب للتعليل الذي ذكره كما سبق أن وضحنا وهذا هو الصواب لأمور
1 - أن لازم القول الصحيح حق فلا تمتنع إضافته إلى المجتهد إذ لا ضرر يلحقه في ذلك 0
أما اللازم الباطل فلو صحت نسبته للزم تكفير كثير من العلماء كما سبق.
2 - أن التناقض ليس مستحيلاً على المجتهد لكثرة وقوعه كما سبق أن نقلنا عن شيخ الإسلام في ذلك
3 - القول بأن لازم المذهب ليس مذهباً على الإطلاق يتعارض مع ما صنعه علماء المذاهب الأربعة من استنتاج مذاهب الأئمة من فتاواهم بطريق التلازم بين ما أفتوا فيه وسكتوا عنه.
4 - إن كثيراً من اللوازم التي يحكيها العلماء هي ليست لوازم في الحقيقة ولهذا يقول ابن القيم في مختصر الصواعق ص 579
فيا لله كيف لا يستحي العاقل من المجاهرة بالكذب على أئمة الإسلام لكن عذر هذا وأمثاله أنهم يستجيزون نقل المذاهب عن الناس بلازم أقوالهم، ويجعلون لازم المذهب في ظنهم مذهباً، كما نقل بعض هؤلاء المباهتين أن مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه أن الله لا يرى يوم القيامة، قال لأنه يقول أنه لا يرى إلا الأجسام وقد قام الدليل على أنه سبحانه وتعالى ليس بجسم، فلا يكون مرئياً على قولهم، ونقل هذا أيضاً أن مذهبهم أن الله تعالى يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعنى به شيئاً إلزاماً لهم من قولهم إنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله وبهذا القول الباطل الذي لم يقله أحد من أهل الأرض وكما نقل هذا أو غيره من أهل البهتان أن مذهبهم أن الله جسم إلزاماً لهم بقولهم إن الله مستو على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ا0هـ.
وانظر تحرير المقال د 0 عياض ص 92، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (2/ 72)
وأختم الكلام في هذا بما قال الإمام ابن القيم في النونية.
ولوازم المعنى تراد بذكره ** من عارف بلزومها الحقان
وسواه ليس بلازم في حقه ** قصد اللوازم وهي ذات بيان
إذقد يكون لزومها المجهول أو ** قد كان يعلمه بلا نكران
لكن عرته غفلة بلزومها ** إذ كان ذا سهو وذا نسيان
ولذاك لم يك لازماً لمذاهب ** العلماء مذهبهم بلا برهان
فالمقدمون على حكاية ** مذهبهم أولو جهل مع العدوان
ذاك لا فرق بين ظهوره وخفائه ** قد يذهلون عن اللزوم الداني
سيما إذا ما كان ليس بلازم ** لكن يظن لزومه بجنان
لا تشهدوا بالزور ويلكم على ** ما تلزمون شهادة البهتان
بخلاف لازم ما يقول إلهنا ** ونبينا المعصوم بالبرهان
والمؤلف رحمه الله يقول: بأن لوازم المعنى لا تكون مقصودة عند ذكره إلا ممن يعرف لزومها له، فهذا هو الذي يمكن أن يؤخذ بما يلزم ما يثبته من معان، وأما غيره ممن يجهل اللزوم بينهما فليس بلازم في حقه القصد إلى اللوازم عند ذكر المعنى مهما تكن اللوازم بينة واضحة، إذ قد يكون لزومها مجهولاً له، أو يكون معلوماً ولكن أصابته غفلة عن ذلك اللزوم بسبب كثرة سهوه ونسيانه، ولذلك قرر العلماء بأن لازم المذهب لا يكون مذهباً بلا حجة ولا برهان، وأن من حكى ذلك عنهم فهو من أجهل الجهل والعدوان، ولا فرق في ذلك بين اللوازم الظاهرة واللوازم الخفية، فإن الإنسان قد يذهل عن اللازم القريب وهذا الحكم إنما هو بالنسبة إلى اللوازم التي ثبت لزومها، أما ما ليس بلازم في الحقيقة ولكن يظن الذهن لزومه فهذا أولى أن لا يعتبر لازماً فلا تشهدوا أيها المعطلة على ما تلزموننا به شهادة زور وبهتان فترمونا بالقول بتلك اللوازم، وأنها مذهب لنا، مع أنا لم نقصدها ولم تخطر لنا في الأذهان عند إثبات الصفات للرحمن ا 0 هـ من شرح الشيخ خليل هراس (2/ 253) 0 ا. هـ
¥