((إنجيل متى)): قال صاحب ((ذخيرة الأَلباب)) أَن القديس متى كتب إنجيله في السنة 41 للمسيح باللغة المتعارفة يومئذ في فلسطين وهي العبرانية أَو السير كلدانية. (ثم قال): ثم ما عتم هذا الإنجيل أَن ترجم إلى اليونانية ثم تغلب استعمال الترجمة على الأَصيل الذي لعبت به أَيدي النساخ الابونيين ومسخته بحيث أَضحى ذلك الأَصل هاملاً بل فقيدًا وذلك منذ القرن الحادي عشر. اهـ.
أقول يا ليت شعري من هو الذي ترجم إنجيل متى باليونانية ومن عارض هذه الترجمة على الاصل قبل أَن يعبث به النساخ ويمسخوه. الله أعلم.
ثم قال صاحب الذخيرة: يترجح أَنه كتبه في نفس أُورشليم. وقال: إنما هو رواية جدلية عن المسيح لا ترجمة حياته.
وقال: إن البروتستانت المتاخرين امتروا وشكوا في كون الفصلين الأولين منه لمتى.
وقال الدكتور (بوست) في قاموس الكتاب المقدس: واختلف القول بخصوص لغة هذا الإنجيل هل هي العبرانية أَو السريانية التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام؟ وذهب آخرون إلى أَنه كتب باليونانية كما هو الآن. ثم تكلم في شبهة عظيمة على أَصل هذا الانجيل تكلم فيها صاحب الذخيرة أيضًا، وهي أَن شواهده في العظات من الترجمة السبعينية للعهد العتيق، وفي بقية القصة من الترجمات العبرانية. وأَجاب كل منهما عن ذلك بما تراءى له.
ثم رجح (بوست) أَنه أَلف باليونانية خلافًا لجمهور رؤساء الكنيسة المتقدمين. فثبت بهذا وذاك أَنه لا علم عندهم بتاريخه ولا لغته (وإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
ثم قال: ولا بد أَن يكون هذا الانجيل قد كتب قبل خراب أُورشليم. إلى أَن قال: ويظن البعض أَن انجيلنا الحالي كتب بين سنة 60 وسنة 65. وقد علمت أَن صاحب الذخيرة زعم أَنه كتب سنة 41، وأَن هي إلا ظنون وأَوهام يناطح بعضها بعضًا.
وأَما علماء النصارى الأَقدمين فالمأْثور أَن متى لم يكتب هذا الانجيل وإنما كتب بعض أَقوال المسيح باللغة العبرانية، والنصارى يحتجون الآن على كون هذه الأناجيل التي لا سند لها لفظيًا ولا كتابيًا كانت معروفة في العصور الأولى بأَقوال لأولئك العلماء المتقدمين هي حجة عليهم لا لهم، وقد جاء في ((المنار)) بيان ذلك غير مرة.
وأَقدم شهادة يتناقلونها في ذلك شهادة (بابياس) أَسقف هيرابوليس في منتصف القرن الثاني فقد نقل عنه (أُوسابيوس) المتوفي سنة 340 ما ترجمته:
إن متى كتب مجموعة من الجمل باللغة العبرانية، وقد ترجمها كل بحسب طاقته.
ويمتاز انجيل متى بأَن من نسب إليه من تلاميذ المسيح، وبأَنه أَقرب إلى التوحيد وأَبعد عن الوثنية من سائر الأناجيل.
((انجيل مرقس)): ذكر صاحب الذخيرة أَن مرقس كان عبرانيًا ملة (أَي لا نسبًا) وأَنه كان تلميذًا لبطرس وتبناه بطرس، وأَنه اقتبس انجيله من انجيل متى ومن خطب بطرس، وأَن بعض المتأَخرين زعموا أَنه كان يوجد إنجيل سابق لإنجيلي متى ومرقس أَخذا عنه إنجيلهما، وأَن بعض البرتستانت شكوا في الاعداد الإثني عشر الأخيرة من الفصل السادس عشر من هذا الإنجيل لأَسباب منها أَنه لا ذكر لها في النسخ الخطية القديمة.
وقال (بوست): مرقس لقب يوحنا، يهودي يرجح أَنه ولد في أُورشليم. (قال) وتوجه مرقس مع بولس وبرنابا خاله في رحلتهم التبشيرية الأولى غير أَنه فارقهما في (برجه) فصار علة مشاجرة قوية بين بولس وبرنابا وبعد ذلك تصافح مع بولس فرافقه إلى (رومية) وكان مع بطرس لما كتب رسالته الأولى (1 بط 5: 136) ثم مع ثيموناوس في (افسس) ولا يعرف شيء حقيقي عن حياته بعد ذلك.
ثم ذكر أَنه كتب انجيله باليونانية وشرح فيه بعض الكلمات اللاتينية فاستدل بذلك على أَنه كتبه في رومية. (قال) إنما المشابهة بين انجيلي متى ومرقس حملت بعض الناس على أَن يعتقدوا أَن الثاني مختصر من الأَول.
ولم يذكر هذا ولا ذاك تاريخ كتابة هذا الانجيل، وقد روي عن ابرنياوس أَنه كتبه بعد موت بطرس وبولس فلم يطلعا عليه. فكيف نثق بأَنه وعى ما سمعه من بطرس وأَداه كما سمعه؟ هذا إذا صحت نسبته إليه بسند متصل، ولن تصح.
((إنجيل لوقا)): قال في الذخيرة: أَن لوقا كان من انطاكية. ومن الشراح من ظن أَنه اغريقي متهود لأَنه لا يذكر الكتاب المقدس إلا نقلاً عن الترجمة السبعينية. ومنهم من قال أَنه وثني هاد إلى الحق وارتد إلى الدين القويم. وقال: لوقا كان تلميذًا ومعاونًا لبولس.
¥