بخلاف الثابت التام العاقل؛ فإنه لا تستفزه البداءات ولا تزعجه وتقلقه، فإن الباطل له دهشة وروعة في أوله.
فإذا ثبت له القلب رُدَّ على عقبيه، والله يحب مَن عنده العلم والأناة، فلا يعجل بل يثبت حتى يعلم ويستيقن ما ورد عليه، ولا يعجل بأمرٍ من قبل استحكامه.
فالعجلة والطيش من الشيطان.
فمن ثبت عند صدمة البداءات استقبل أمره بعلم وحزم ... الخ)). مفتاح دار السعادة (ص/144 - 146).
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 01 - 04, 02:57 ص]ـ
- لا جديد في شبهات العصر:
ما ألَّفه المبتدعة في هذا العصر (بأنواعهم) من الكتب المليئة بالاعتقادات الباطلة المناقضة لدعوة الرسل والمحشوَّة بشبهاتٍ وحججٍ ساقطة؛ ظنُّوها أو أوهموا غيرهم من الجهلاء أنها حججاً دامغة وبراهين واضحة = كل تلك الحجج والأدلَّة ليست إلاَّ شبهات قديمة قد قالها الذين من قبلهم من المبتدعة الذين خرجوا في القرون الأولى ورُدَّ عليهم حينها بما يُدحض باطلهم.
ولعل من أعظم الكتب وأهمها في الرد على بعض شبهات أهل الضلال = كتاب الله تعالى.
فالاستفادة من طريقة القرآن الكريم في الرد وإدحاض الشبهة قضية لابد لطالب العلم أن يوليها عناية تامة.
قال ابن القيم رحمه الله: ((في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة الإرشاد إلى طريق المناظرة وتصحيحها، وبيان العلل والفروق المؤثرة.
وإشارتهما إلى إبطال الدور والتسلسل بأوجز لفظ وأبينه.
وذكر ما تضمَّناه من التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، والأجوبة عن المعارضات.
وإلغاء ما يجب إلغاؤه من المعاني التي لاتأثير لها واعتبار ما يجب اعتباره.
وإبداء تناقض المبطلين في دعاويهم وحججهم.
وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع ...
وأمثال ذلك من كنوز القرآن التي ضل عنها أكثر المتأخرين فوضعوا لهم شريعة جدلية فيها حق وباطل)). بدائع الفوائد (4/ 311 ـ 314).
ومن المعلوم أنَّ المبتدعة والضلاَّل كما أنهم يتناسلون جيلاً بعد جيل؛ فكذلك هم يتوارثون بدعهم وشبهاتهم جيلاً بعد جيل.
صحيح أنَّ هنا بدع محدثة؛ لكنها ترجع في ((أصولها)) إلى أصول أهل البدع الأقدمين، من كل مدارس البدع والضلال؛ كالاعتزال والتجهم والرفض والخروج وغيرها.
ولو ألقيت نظرةً متفحصةً للشبهات التي أوردها بشر بن غياث المريسي الجهمي في كتاب الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ردِّه ونقضه عليه في باب الصفات والأحاديث الدالة عليه، ثم نظرت إلى شبهات المبتدعة العصرانيين = لما وجدت فارقاً كبيراً بين الشبه المريسيَّة وشبه هؤلاء، اللهم إلاَّ في طريقة السبك والعبارة، وبعض شبهٍ يسيرة زادها المحدثون عليه!
قال ابن القيِّم رحمه الله في الثناء على كتابي عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله - الرد على بشر المريسي العنيد و الرد على الجهمية -: ((وكتاباه من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصيَّة ويعظِّمهما جدَّاً، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما)). اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/108).
وكذلك بعض الشبه التي أوردها الفخر الرازي في كتبه وغيره، وردَّها شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كثير من كتبه قد أوردها المبتدعة العصرانيون في كتبهم المليئة باعتراضات المتكلَّمين والمعظمين للعقل من المدرسة العقليَّة الغابرة.
وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال: ((وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في (كتاب التأويلات)، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه (تأسيس التقديس)، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء، مثل أبي علي الجيَّاني وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )). الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14).
¥