تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما التعويل على مسألة نسبة أهل الاصطلاح نحو هذا الكلام إليه فقشة لن تنجي غريقاً ولغ في عرض الإمام يوم يلقى ربه ويقف الجنيد خصمه -ولا أعنيك بهذا فقد كررت عدم قولك بما تنقل أكثر من مرة- وفرق بين أن نقول اصطلح القوم على أن هذا اللفظ يدخل فيه معنى الزهاد بل هو أصله فيشمل فلان وفلان ممن نصوا عليهم، وبين أن نزعم أن القوم اصطلحوا على أن الجنيد قال كذا وكذا، فنسبة القول ليست أمراً إصطلاحياً، وإنما هي دعوى تقبل إن توفرت فيها شروط القبول أو ترد إذا لم تتوفر فيها شروط القبول، وإذا سلمنا جدلاً بأن نسبة الأقوال لأشخاص تصح باصطلاح آخرين، فما كل اصطلاح يقبل ولاسيما إن عارض الشرع! فلو اصطلح قوم على أن الفناء هو الفناء عن وجود السوى فلايعني كونه اصطلاحاً عندهم صوابه أومطابقته للواقع عند آخرين، لأنه يخالف بدهيات الشريعة، وضروريات الدين، فكيف ننسب لأحد قولاً بمثل هذا ولاسيما الجنيد رحمه الله والذي أنكر أهل العلم كثيراً مما ينسب إليه من الباطل، بل نصوا على عدم ثبوته، وبينوا أن كثيراً من مشايخ القوم ينقلون الغث والسمين ولا يميزون.

ثم أقول أخي الكريم ما أوضحت هنا من قصد بنقلك كلام الإمام الشافعي في التغبير، "أنا لم أقل أبداً إنّ الشافعي يقصد بكلامه الحكم على الصوفيّة بالزندقة، ولا أظنّ كلامه بحاجة لمزيد من التوضيح، لأنّه واضح لكل من يقرؤه بإمعان وتروٍّ. الزنادقة هم الذين أحدثوا التغبير هذا مراد الشافعي ولا يستطيع أحدٌ أن يُنكر هذا المعنى من كلامه، وليس كل من حضرَ التغبير أو سمعه يكون زنديقاً كما يتوهّم الأخ حارث وينسبه لي!! " هذا معنى ذكرتُه أُنُفاً في ردي على الأخ حنبل قبل ردك، وقد ذكره مستدلاً به على غير هذا القصد فيما أفهم ويظهر، فلما جئت تثبته لم يكن لأفهم منه إلاّ القصد الذي ذكره في سياقه مستدلاً به، ثم أكد لي استفاهمك وسؤالك بعدها استدلالك به على ذم تلك الطبقة التي لم تحدث هذا السماع، ومن هنا كان ردي فأرجو أن تعذرني. ولم يكن يخطر ببالي أنك تسوقه متعقباً لي وتعتقد فيه ما قلته أنا قبل، ودعوة أخرى هنا للقراء لمراجعة ما سبق وكفى.

أما مسألة التغبير فأنا لم أثرها ابتداء فضلاً عن التوسع فيها، وما ذكرتُ هنا إلاّ نتفاً حولها، وسبب ذكري لها اقحامها في الاستدلال بها إما على زندقة الطبقة الأولى من القوم كما هو سياق الأخ الكريم ابن حنبل أولاً وأفهم عدم قوله به الآن ولله الحمد، وإما على إخراجهم من دائرة أهل السنة، كما هو سياقكم ثانياً، فأحببت حينها أن أبين أنها لم تتناول القوم، وأن القوم لم يكن صدرهم الأول يقول بها، وأنه كما قيل من وقوع بعض أكابرهم فيها قيل برجوعهم أيضاً، وأن بعضهم أخطأ فيها ولاينسب هذا لمجموعهم، وأن آخرين لم يكن سماعهم السماع المحرم، ولا شك أن الخلاف في المسألة حاصل، وقد نص على نقله شيخ الإسلام، ولو أردت أن نفرد مقالاً لنقاشها بعد رمضان فحسن، فصاحبك يرى التفصيل فيها ويراه قول الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام، وقد نص على أن عدم وصفه بالبدعة كان آخر أمر الإمام أحمد غير كتاب من كتب المذهب المعتمدة.

وأما خبر الإمام أحمد المنقول فقد ضعفته بناء على تضعيفك التوزي، فأنت تضعفه ويوثقه السلمي وابن ماكولا فمن أتبع؟ وغاية ما وجدت في جرحه من أئمة الشأن لامن عرف بتعسف في الجرح عبارات لينة كليس بالقوي ولايلزم منها الضعف أوالاطراح. وأما القطيعي فلا أدري هل تقصد بتضعيفك أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله أبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند الإمام أحمد وهو الراوي هنا أولا؟ فإن سبق إلى ذهنك غيره فغلط، وإن كنت تعني صاحبنا فأنت ترى أنه ضعيف والإمام ابن كثير يقول: "وكان ثقة كثير الحديث، وقد حدث عنه الدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبو نعيم والحاكم، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه ولا التفتوا إلى ما شغب به بعضهم من الكلام فيه، بسبب غرق بعض كتبه حين غرقت القطيعة بالماء الأسود، فاستحدث بعضها من نسخ أخر، وهذا ليس بشيء؛ لأنها قد تكون معارضة على كتبه التي غرقت والله أعلم ويقال: إنه تغير في آخر عمره فكان لا يدري ما قرئ عليه. وقد جاوز التسعين رحمه الله". فمن نتبع؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير