تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا بد أن نعلم أن هذا القرآن نزل بلغة العرب كما جاء ذلك في محكم التنزيل وبناء على ذلك كان من الواجب حمل معاني الصفات على اللسان العربي.

فالوجه معناه في لغة العرب ما تكون فيه المواجه

والنزول معناه في لغة العرب الانحطاط من أعلى إلى أسفل

والقدم كما قال أخينا هو ما كان في الأسفل

واليد معناها في اللغة هي الكف والأصابع

لكن قد يأتي صاحب شبه ويقول لك أنت أثبت الكف و الأصابع لله لماذا لم تثبت الأصابع للقدم في حق الله؟

نقول له أن الكف والأصابع جاءت بنص صحيح صريح فلذا أثبتناها أما كون القدم لها أصابع أم ليس لها أصابع نقول هذا اللفظ محدث لم يرد فيه نص وكونه كذلك فإننا لا نثبته ولا ننفيه بل نستفصل فيه كستفصلنا في لفظ الجهة والحيز والجسمية

أما القول بأن إثبات المعنى يستلزم الجسمية أو التجسيم؟

هذا غير صحيح بل الصحيح أن يقال: إن إثبات المعنى لا يستلزم الجسمية أو التجسيم؟

فلو جئنا للقدم مثلا فإننا نقول في ذلك أمور هي كما يلي:

أولا: إن الله جل وعلا خاطبنا بهذا اللفظ اعني لفظ القدم وهو لفظ عربي.

ثانيا: كون اللفظ عربي والمخاطب هم أناس من العرب فإن ذلك يستلزم منهم فهم ذلك بحسب ما هو متعارف عندهم من معنا لذلك اللفظ.

ثالثا: أن من كان عربيا فصيحا سيفهم من معنا لفظ القدم هو ذلك العضو الكائن في الأسفل.

لكن قد يقول القائل ألا ينقدح في ذهن الإنسان عند المعنى المتبادر للقدم الجسمية.

نقول اعلم أنه وإن إنقدح في ذهنك شيء من ذلك فإن الله أعظم وأجل مما تتصور وتتخيل وذلك لأن طرق معرفة كيفية الشيء لا بد فيه من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: معرفة ذاته

الحالة الثانية: معرفة نظيره المساوي

الحالة الثالثة: الخبر الصادق عنه

وكل هذه الطرق منفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها.

وبناء على ذلك فأي كيفية تقدرها في ذهنك فالله أعظم وأجل من ذلك.

لذا عليك أن تعرف أن تفويض المعنى خشية إنقداح الجسمية في الذهن باطل من جميع الوجوه بل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعون القرآن ويقرؤونه وما قال أحد منهم ما معنى القدم بل بقوا على الأصل المتعارف عليه في لغتهم من فهم القدم إذ لو كان للقدم معنى أخر غير المعنى المتعارف عليه عندهم في لغتهم لبينه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقال لهم إن معنى القدم هو كذا وكذا ومن المعروف أن الأصل بقاء الشيء على معناه الحقيقي ولأنه صلوات الله وسلامه عليه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

أما قولك ينقدح ولا ينقدح كل ذلك من عمل الشيطان ووساوس منطق اليونان

ثم اعلم أن القول بإثبات المعنى أنه يستلزم إثبات الجسمية يستلزم منه والعياذ بالله أن الأنبياء خالجهم التجسيم لأنهم خاطبوا أقوامهم بلغاتهم هل والعياذ بالله نقول في حق موسى عليه السلام لما قال كما في قوله تعالى {قال ربي أرني أنظر إليك} هل نقول إن موسى عليه السلام إنقدح في ذهنه أن الله محدود أو جسم حشا أن يكون في حقه ذلك

إذن لم يقل أحد بمثل هذا القول بل كان السلف رحمهم الله يفهمون معنى الألفاظ ولم يقل أحد منهم إنقدح في ذهني أو لم ينقدح

فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن بن مسعود رضي الله عنه قال: ((جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع و الأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول: أنا الملك. فضحك النبي – صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيمة}.

فلو نظرت لهذا الحديث لاستخرجت منه فوائد منها ما يلي:

منها: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يقل للحبر ماذا تعني بالإصبع لأن الرسول اعلم بالله من غيره من البشر ولم يكن الإصبع لغزا غامضا إذ لو كان كذلك لبين الرسول – صلى الله عليه وسلم ذلك بل أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير