تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: عن مهدي بن ميمون قال سمعت محمدا – هو ابن سيرين -وماراه رجل في شيء فقال له محمد: (إني قد أعلم ما تريد، وأنا أعلم بالمراء منك، ولكن

لا أماريك) اهـ. ()

وممن نقل عنه هذا المنهج واشتهر عنه العمل به الإمام أحمد رحمه الله تعالى ومن ذلك أنه قال في رسالته المشهورة الصحيحة إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل حين كتب إليه بأمر أمير المؤمنين المتوكل يسأله عن القرآن لا مسألة امتحان بل مسألة معرفة وبصيرة، فكتب إليه الإمام أحمد رسالة منها: (لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شئ من هذا إلا ما كان في كتاب الله، أو في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه أو عن التابعين. فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود) اهـ. () وروى الخلال عن شيخه أبي بكر المروذي تلميذ الإمام أحمد قال: (أنكر أبو عبد الله على من رد بشيء من جنس الكلام إذا لم يكن له فيها إما مُقدَّم). ()

وروى الإمام أبو بكر الخلال في السنة قال أخبرنا أبو بكر المروذي - من خواص أصحاب الإمام أحمد وتلاميذه - فذكر قصة تلخيصها:

أن رجلا قال: إن الله لم يجبر العباد على المعاصي فرد عليه آخر أن الله جبر العباد على المعاصي أراد بذلك إثبات القدر لما نفاه الآخر وألف في هذا كتابا فأدخله المروذي على الإمام أحمد قال المروذي: (فأخبرته بالقصة فقال ويضع كتابا؟ وأنكر عليهما جميعا وأمر بهجران الذي وضع الكتاب) اهـ. () قال الخلال وأخبرنا أبوبكر المروذي قال: قال: أبو عبدالله يعني الإمام أحمد: (كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها) اهـ. ()

ومذهب الإمام أحمد في هذا هو مذهب أئمة شيوخه من علماء الأمة المقدَّمين فمنهم شيخه الإمام الحافظ عبد الرحمن بن مهدي فقد قيل له: إن فلانا قد صنف كتابا في السنة ردا على فلان. فقال عبد الرحمن: رد بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قيل: بكلام، قال: رد باطلا بباطل) اهـ. ()

ومن كلامه الثابت عنه في ذلك (ولم يزل الناس يكرهون كل محدث من وضع كتاب وجلوس مع مبتدع ليورد عليه بعض ما يلبس في دينه) اهـ. تاريخ الإسلام ص85

حكى القيرواني في رياض النفوس:عن سحنون قال: قال بعض أصحاب البهلول بن راشد:

كنت يوما جالسا عنده ومعه رجل عليه لباس حسن وهيئة فقال له البهلول:

(أحبُّ أن تذكر لي ما تحتج به القدرية، فسكت الرجل حتى تفرق الناس ثم قال له: ياأبا عمرو إنك سألتني عما تحتج به القدرية، وهو كلام تصحبه الشياطين، لأنه سلاح من سلاحهم فتزينه في قلوب العامة وفي مجلسك من لا يفهم ما أتكلم به من ذلك، فلا آمن أن يحلو بقلبه منه شئ فيقول: سمعت هذا الكلام في مجلس البهلول فقال له: والله لأقبِّلنَّ رأسك أحييتني أحياك الله) اهـ. ()

و من الحكايات عن السلف في هذا أيضا، ما ذكره الإمام أبو عبد الله الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي شريح عبد الرحمن بن شُريح المعافري الإسكندراني الذي وصفه الذهبي بقوله: (الإمام، القدوة الرباني،العابد وقال: كان من العلماء العاملين ()) اهـ. - وهو ثقة روى له الجماعة وقال فيه يحيى بن معين:ثقة وقال أبو حاتم: (لا بأس به). و توفي: سنة 167هـ. أقول ذكر في ترجته: قال: قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح – رحمه الله – فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبكم، فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب، وتعلموا هذه الرغائب و الرقائق، فإنها تجدد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، و أقلوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب، وتورث العداوة.

قال الذهبي معلقا: (قلت: صدق و الله، فما الظن إذا كانت مسائل الأصول و لوازم الكلام في معارضة النص، فكيف إذا كانت من تشكيكات المنطق، وقواعد الحكمة و دين الأوائل؟! الخ.) اهـ.

والخوف على قلوب الناس من تعلق الشبه هي أحد الدواعي المانعة للسلف من التوغل مع المبتدعة، وهناك مانعان آخران يضافان إلى هذا:

الأول: الاتباع لمن سلف وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد تدليل على أن ذلك هو مذهبهم ومن مذهبهم التسليم لظواهر الشرع إذ لا تثبت قَدَمُ الإسلام إلا على التسليم.

والمانع الثاني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير