تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* عن أبي قتادة قال: كنا عند عمران بن حصين في رهط منا، وفينا بُشير بن كعب فحدّثنا عمران يومئذ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» الحياءُ خير كله «أو قال:» الحياء كله خير «، قال بشير: إنّا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة: أنّ منه سكينة ووقاراً لله، ومنه ضعفٌ! قال: فغضب عمران حتى احمرتا عيناه، وقال أراني أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعارض فيه؟! قال: فأعاد عمران الحديث، قال: فأعاد بشير، فغضب عمران. قال: فمازلنا نقول فيه: إنّه منّا يا أبا نجيد، إنّه لا بأس به!! [1] يعني: أنه ليس متهماً بالنفاق!!.

* وعن عبد الله بن مُغَفّل (رضي الله عنه): أنه رأى رجلاً من أصحابه يخذف. فقال له: لاتخذف، فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره أو قال ينهى عن الخذف؛ فإنه لايُصطاد به الصيد، ولا ينكأ به العدو، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين، ثم رآه بعد ذلك يخذف! فقال له: أخبرك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره أو ينهى عن الخذف، ثم أراك تخذف، لا أكلمك كذا وكذا .. ! [2].

* عن قبيصة الشامي: أن عبادة بن الصامت خرج مع رجل إلى أرض الروم، فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسرة الذهب بالدنانير، وكسرة الفضة بالدراهم، فقال: يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:» لا تَبايعوا الذهب إلا مثلاً بمثلٍ لازيادة بينهما ولا نَظِرة «. فقال رجل: لا أرى الربا يكون في هذا إلا ما كان من نظرة! فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدّثني عن رأيك؟! لئن أخرجني الله لا أُساكنك بأرض لك عليّ فيها إمرة، فلمّا قفل لحق بالمدينة، فقال له عمر: ما أقدمك يا أبا الوليد؟! فقص عليه القصة، فقال: ارجع إلى أرضك وبلدك لا إمرة له عليك، فقبّح الله أرضاً لست فيها وأمثالك [3].

* وحدّث أبو معاوية الضرير عند هارون الرشيد بحديث أبي هريرة:» احتج آدم وموسى «، فقال أحد الحاضرين: كيف هذا، وبين آدم وموسى مابينهما؟! قال: فوثب هارون، وقال: يُحدّثك عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وتعارض بكيف؟! فما زال قول حتى سكت عنه [4].

* وقال رجلٌ للزهري: يا أبا بكر: حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» ليس منّا من لطم الخدود، وليس منا من لم يوقر كبيرنا «، وما أشبه هذا الحديث؟! فأطرق الزهري ساعة، ثم رفع رأسه فقال:» من الله (عز وجل) العلم، وعلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- البلاغ، وعلينا التسليم «[5].

* من أجل ذلك كله كان السلف الصالح (رضي الله عنهم) في أشد التثبت والتحري والتوقي في فعل السنة، فلا يفعلون شيئاً إلا بعلم صحيح، فها هو ذا رجلٌ يعطس إلى جنب عبد الله بن عمر، فيقول: الحمد لله، والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له عبد الله بن عمر:» وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، علمنا أن نقول: الحمد لله على كلّ حال «[6].

* ونظير هذا أن سعيد بن المسيب رأى رجلاً يُصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يُكثر فيهما الركوع والسجود، فنهاه، فقال: يا أبا محمد، يعذبني الله على الصلاة؟! فقال:» لا .. ولكن يُعذبك على خلاف السنة «[7]. وأمثلة هذا الباب كثيرة جداً، وفيما ذكر كفاية إن شاء الله لبيان المقصود. وبهذا يتبيّن أن الكتاب والسنة هما أصل الاستدلال، وهما المعيار الذي توزن به الآراء والاجتهادات، ولايستقيم إيمان المرء إلا بتعظيمهما وامتثال ما دلا عليه من القول والفعل والاعتقاد، ويُلخّص الطحاوي منهج أهل السنة بقوله:» ولاتثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان «[8].

وقال البربهاريّ:» إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار، أو يرد الآثار، أو يريد غير الآثار: فاتهمه على الإسلام، ولاتشك أنّه صاحب هوى مبتدع «[9]. وقال ابن تيمية:» وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم يعني أهل السنة اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أنه لايقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه ولاذوقه، ولامعقوله ولاقياسه، ولاوَجْدِهِ، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات: أنّ الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم «[10].وقال أيضاً:» فمن بنى الكلام في العلم (الأصول والفروع) على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين، فقد أصاب طريق النبوة، وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدى الذي كان عليه محمد وأصحابه فقد أصاب طريقة النبوة، وهذه طريقة أئمة الهدى ... «[11].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير