تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سعد العجلان]ــــــــ[02 - 03 - 04, 07:28 م]ـ

القاعدة الثانية: الاعتماد على السنة الصحيحة:

أمرالله (سبحانه وتعالى) بطاعة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في آيات كثيرة، منها قوله (تعالى): (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر: 7]، وقوله تعالى: (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) [النساء: 80]. وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:» إني أوتيتُ القرآن ومثله معه «[12]، فكل ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو حق وصدق لاريب فيه، قال الله (تعالى): {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].

وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الموضحة والمبينة لكتاب الله (عز وجل)، كما قال سبحانه وتعالى: (وَأََنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ) [النحل: 44]. وقد ذمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقواماً يتركون ماجاء في سنته، فقال:» ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكىء على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرّمناه، وإن ما حرّم رسول الله كما حرّم الله «[13].

ومن بدائع مواقف الصحابة (رضي الله عنهم): أن عمران بن حصين كان جالساً ومعه أصحابه، فقال رجلٌ من القوم: لاتحدثونا إلا بالقرآن، فقال له: ادْنه، فدنا، فقال: أرأيت لو وُكلْتَ أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، تقرأ في اثنتين؟! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟! ثم قال: أي قوم، خذوا عنا، فإنكم والله إلاّ تفعلوا لتضِلّنّ «[14].

ولهذا قال ابن تيمية:» البيان التام هو ما بينه الرسول؛ فإنه أعلم الخلق بالحق، وأنصح الخلق للخلق، وأفصح الخلق في بيان الحق، فما بيّنه من أسماء الله وصفاته وعلوّه ورؤيته، هو الغاية في هذا الباب «[15]. وقال أيضاً:» الثواب على ما جاء به الرسول، والنّصرة لمن نصره، والسعادة لمن اتبعه، وصلوات الله وملائكته على المؤمنين به، المعلمين للناس دينه، والحق يدور معه حيثما دار، وأعلم الخلق بالحق وأتبعهم له: أعلمهم بسنّته وأتبعهم له، وكل قول خالف قوله فهو إما دين منسوخ، وإما دين مبدّل لم يُشرع قط «[16].

وبسبب هذه المنزلة العظيمة لسنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- اهتمّ بها أهل السنّة اهتماماً عظيماً، علماً وعملاً، وحرصوا على حفظها ونقلها، وقاموا بتحقيقها وتنقيحها، وتمييز صدقها من كذبها، خاصة بعد ظهور الفتن وانتشار المبتدعة وفشو الكذب. ولهذا قال عبد الله بن عباس (رضي الله عنه):» إنّا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول؛ لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف «[17]. وقال التابعي الجليل محمد بن سيرين:» لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم «[18]. وقال الإمام مالك بن أنس:» إن هذا العلم هو لحمك ودمك وعنه تسأل يوم القيامة، فانظر عمّن تأخذه «[19].

ويشرح ابن تيمية الداعي لتنقيح السنة النبوية فيقول:» وبيننا وبين الرسولمئون من السنين، ونحن نعلم بالضرورة أنّ فيما ينقل الناس عنه وعن غيره صدقاً وكذباً، وقد روي عنه أنّه قال:» سيُكذب عليّ «، فإن كان هذا الحديث صدقاً، فلابد أن يكذب عليه، وإن كان كذباً فقد كذب، وإن كان كذلك لم يجز لأحد أن يحتج في مسألة فرعية بحديث حتى يُبيّن ما به يثبت «[20].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير