تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و القسم الثالث: العلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب، والجوارح من الإيمان بالله من معارف القلوب وأحوالها، وأقوال الجوارح، وأعمالها، وهذا العلم يندرج فيه العلم بأصول الإيمان، وقواعد الإسلام، ويندرج فيه العلم بالأقوال، والأفعال الظاهرة، وهذا العلم يندرج فيه ما وجد في كتب الفقهاء من العلم بأحكام الأفعال الظاهرة، فان ذلك جزء من جزء من جزء من علم الدين كما إن المكاشفات التي تكون لأهل الصفا جزء من جزء من جزء من علم الأمور الكونية. والناس إنما يغلطون في هذه المسائل لأنهم يفهمون مسميات الأسماء الواردة في الكتاب، والسنة، ولا يعرفون حقائق الأمور الموجودة، فرب رجل يحفظ حروف العلم التي أعظمها حفظ حروف القرآن، ولا يكون له من الفهم بل ولا من الإيمان ما يتميز به على من أوتي القرآن، ولم يؤت حفظ حروف العلم كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث المتفق عليه:" مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب، ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها".

فقد يكون الرجل حافظا لحروف القرآن، وسوره، ولا يكون مؤمنا بل يكون منافقا فالمؤمن الذي لا يحفظ حروفه، وسوره خير منه، وإن كان ذلك المنافق ينتفع به الغير كما ينتفع بالريحان وأما الذي أوتي العلم والإيمان، فهو مؤمن عليم فهو أفضل من المؤمن الذي ليس مثله في العلم مثل اشتراكهما في الإيمان فهذا أصل تجب معرفته.

وههنا أصل آخر وهو: أنه ليس كل عمل أورث كشوفا، أو تصرفا في الكون يكون أفضل من العمل الذي لا يورث كشفا، وتصرفا فإن الكشف، والتصرف إن لم يكن مما يستعان به على دين الله و إلا كان من متاع الحياة الدنيا، وقد يحصل ذلك للكفار من المشركين، وأهل الكتاب وإن لم يحصل لأهل الإيمان الذين هم أهل الجنة، وأولئك أصحاب النار، ففضائل الأعمال، ودرجاتها لا تتلقى من مثل هذا، وإنما تتلقى من دلالة الكتاب، والسنة.

ولهذا كان كثير من الأعمال يحصل لصاحبه في الدنيا رئاسة ومال، فأكرم الخلق عند الله أتقاهم، ومن عبد الله بغير علم فقد أفسد أكثر مما يصلح، وإن حصل له كشف، وتصرف وإن اقتدى به خلق كثير من العامة.

وقد بسطنا الكلام في هذا الباب في مواضعه، فهذا أصل ثان.

و أصل ثالث: إن تفضيل العمل على العمل قد يكون مطلقا مثل تفضيل أصل الدين على فرعه، وقد يكون مقيدا فقد يكون أحد العملين في حق زيد أفضل من الآخر، والآخر في حق عمرو أفضل، وقد يكونان متماثلين في حق الشخص، وقد يكون المفضول في وقت أفضل من الفاضل، وقد يكون المفضول في حق من يقدر عليه وينتفع به أفضل من الفاضل في حق من ليس كذلك.

مثال ذلك: إن قراءة القرآن أفضل من مجرد الذكر بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإجماع الأمة، ولا اعتبار بمن يخالف ذلك من جهال العباد، ثم الركوع والسجود ينهى فيه عن قراءة القرآن، ويؤمر فيه بالذكر، وكذلك الذكر والدعاء في الطواف، وعرفة، ونحوهما؛ أفضل من قراءة القرآن، وكذلك الأذكار المشروعة مثل ما يقال عند سماع النداء، ودخول المسجد، والمنزل، والخروج منهما، وعند سماع الديكة، والحمر، ونحو ذلك = أفضل من قراءة القرآن في هذا الموطن، وأيضا: فأكثر السالكين إذا قرؤوا القرآن لا يفهمونه، وهم بعد لم يذوقوا حلاوة الإيمان الذي يزيدهم بها القرآن إيمانا فإذا اقبلوا على الذكر أعطاهم الذكر من الإيمان ما يجدون حلاوته، ولذته؛ فيكون الذكر انفع لهم حينئذ من قراءة لا يفهمونها، ولا معهم من الإيمان ما يزداد بقراءة القرآن.

أما إذا أوتي الرجل الإيمان؛ فالقرآن يزيده من الإيمان ما لا يحصل بمجرد الذكر فهذا أصل ثالث.

و أصل رابع وهو: أن الرجل قد يأتي بالعمل الفاضل من غير قيام بشروطه، ولا إخلاصه فيه؛ فيكون بتفويت شرائطه دون من أتى بالمفضول المكمل.

فهذه الأصول، ونحوها تبين جواب هذا السائل، وإن كان تفصيل ذلك لا تتسع له الورقة، والله أعلم.

رحم الله الشيخ، وغفر الله للسائل فليته أعطاه ورقة أكبر، أو أعطاه ورقتين أو أكثر .. لنرى مزيدا من الفائدة.

ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[03 - 04 - 04, 10:22 م]ـ

{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}

لاأقدر أن أقول غير ذلك،ثم يغالبني دمعي حين أقرأ لذلك الحبر البحر،ولو كان لي خيار لتمنيت أني كنت أدركته حتى لو قصر عمري إلى عُشُره؛لكنني أعلم أن لله حكمة في كل شيء.

ياشيخ عبدالرحمن:

والله إني حين أمر على بعض الفوائد المحققة من ذلكم الإمام والتي أجد أن نفَسه فيها قد قطع لصارف أغمض عينيّ فلاأقرأها أصلا؛لكي لاأجرّ على نفسي حزنا لصرمه ماكان يريد بيانه ..

شيخنا:

نقرت فيّ جرحا بهذا النص الذي طالما تغافلت عنه ..

غفر لك ربك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير