1 - قوله تعالى: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) (الأنعام: 128)، وقوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود: 107) (هود: 106).
ووجه الدلالة: ما أشار إليه ابن أبي العز – رحمه الله – بقوله: (ولم يأت بعد هذين الاستثناءين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة وهو قوله: {عطاءً غير مجذوذ}).
والجواب عن ذلك من عدة أوجه:
الوجه الأول: أنّ المراد بقوله تبارك وتعالى: (إلا ما شاء ربك) فالإستثناء في هذه الآية وتقييدها بالمشيئة راجع إلى العصاة من الموحدين كما تواترت النصوص بخروج أهل التوحيد ومن كان في قلبه أدنى مثقال من إيمان.
وهذا المعنى ذهب إليه ابن عباس – رضي الله عنهما - فقال: (الاستثناء لأهل الإيمان).
وقد يشكل على هذا أنه جاءت الآية باستخدام (ما) التي لغير العاقل بمعنى (من) التي للعاقل.
والجواب عن ذلك: أنّ مثل ذلك وارد في كتاب الله تبارك وتعالى وفي اللغة العربية، كما في:
أ – (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) (النساء: 3) أي: من طاب لكم من النساء.
ب – (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (المؤمنون: 6)، فقوله تعالى: (ما ملكت) المقصود به: من ملكت.
ج - (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً) (النساء: 22) والمراد: من نكح.
الوجه الثاني: أنّ المراد بقوله تعالى: (ما دامت السموات والأرض) المراد بها: سموات الآخرة وأرضها بدليل قوله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) (إبراهيم: 48).
3 - وقوله تعالى: {لابثين فيها أحقابا} وجه الاستدلال من الآية أن الأحقاب أوقات معدودة محصورة لا بد لها من نهاية.
و الجواب عن هذه الآية: أن المراد أنهم لابثين فيها أحقاباً ومدداً لا حصر لها، وحذفت نهاية المدة للعلم به.
4 - استدلوا بآثار عن الصحابة كأبي هريرة وابن مسعود وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك وقت يخرجون فيه.
وهذه يجاب عنها بوجهين:
الوجه الأول: أنّ هذه الآثار المروية عن الصحابة – رضوان الله عليهم – لا تصح سنداً.
الوجه الثاني: أنها لو صحت لم يفهم منها القول بفناء النار.
موقف شيخ الإسلام من هذه المقولة
ما يتعلق بمسألة فناء النار هي من جملة المسائل التي شنّع فيها على شيخ الإسلام، واتهم أنه كان يقول بقول الجهمية في فناء النار، حيث له مقالات تفهم أنه يميل إلى هذا القول، ولهذا انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الذين يقطعون بأنه يقول بفناء النار، وهذا قول عامة مناوئيه، وبعض من يوافقه في الاعتقاد.
القسم الثاني: الذين ينفون عنه هذا القول مطلقاً، وأنه يرى خلودها كالجنة اعتماداً على أن هذا القول هو قول السلف وهو يقول به في عامة كتبه، بل هو من أكبر شراح عقيدة السلف، وهؤلاء اعتمدوا على نصوصه الصريحة في عامة كتبه التي تثبت أبدية النار.
القسم الثالث: القائلون بأن ابن تيمية يميل إلى القول بفناء النار لكنه لا يصرح بذلك، حيث وقفوا على بعض أقوال له تشعر بأنه يرتضي هذا القول، وهذه الأقوال جميعها مفهومة من كلام الشيخ في كتاب له بعنوان "الرد على من قال بفناء الجنة والنار".
¥