تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان مخطئاً متأولاً)) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 282): ((إذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك)) ثم استشهد بتكفير عمر لحاطب -رضي الله عنهما-.

أمَّا تصديق النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب فليس فيه دلالة على أنَّه لم يفعل الكفر بل فيه أنَّه لم يكفر ولم يرتد لأن عمر -رضي الله عنه- قال عنه أنه كفر ونافق وخان الله ورسوله وحاطب يقول لم أكفر ولم أرتد وما غيرت وما بدلت –أي ديني- فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم يكفر ولم يرتد، أمَّا قتله وعقوبته فقد شفع له فيها شهوده بدراً.

إذا علمت ذلك، فاعلم أنَّ هناك من العلماء من عَدَّ ما بدر من حاطب -رضي الله عنه- من الموالاة الخاصة غير المكفِّرة، ومن هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (7/ 523): ((وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة})) والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ كما في ((عيون الرسائل والأجوبة على المسائل)) (1/ 179).

لكن ليُعلم أنَّ هذا النوع من الموالاة شيء ومظاهرة المشركين على الكافرين ونصرتهم وتأيدهم والقتال معهم شيء آخر، فكما سبق في أول الحديث أنَّ هذا (الثاني) كفر وردة والعياذ بالله ويكون بالقول والفعل كما يكون بالاعتقاد، قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام: ((الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} المائدة:51)) وقال الشيخ حمد بن عتيق في ((الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع)) (ص32): ((وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ أو رضى بما هم عليه، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين)، وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- في ((مجموع الفتاوى)) (1/ 274): ((وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم))

والخلاصة:

أنْ نقول إنَّ حاطباً -رضي الله عنه- حصل منه نوع موالاةٍ للكفار، فمن قال أنَّ الموالاة كلها كفر قال إنه وقع في الكفر ولم يكفُر لأنه كان متأولاً، ومن قال أنَّ هناك موالاة مُكفِّرة وموالاة غير مُكفِّرة عدَّ ما بدر منه -رضي الله عنه- من النوع غير المُكفِّر، وليعلم أنه لم يقل أحدٌ من أهل السنة أنَّ حاطباً -رضي الله عنه- كَفَر، أو أنَّ ما صدر منه ليس موالاةً أو ذنباً، أو أنَّ مظاهرة الكافرين على المسلمين ليست كفراً، فكلُّ ذلك متفقون عليه فلا ينبغي أنَّ يحدث نوع خلافٍ وشرٍ فيما كان من مسائل الاجتهاد طالما أنَّ الجميع متفقون على مسائل الاعتقاد، ولذلك لَمَّا سئل الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ عن مسألة سبَبت خلافاً بين أهل السنة في زمانه عن الموالاة والمعاداة هل هي من معنى لا إله إلا الله، أو من لوازمها؟ أجاب: ((الجواب أنَّ يقال: الله أعلم، لكن بحسب المسلم أنْ يعلم أنَّ الله افترض عليه عداوة المشركين، وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، 000و أمَّا كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو لوازمها، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، وإنما كلفنا بمعرفة أنَّ الله فرض ذلك وأوجبه، وأوجب العمل به، فهذا هو الفرض والحتم الذي لا شك فيه، فمن عرف أنَّ ذلك من معناها، أو من لازمها، فهو خير، ومن لم يعرفه، فلم يُكلف بمعرفته، لاسيما إذا كان الجدل والمنازعة فيه مما يفضي إلى شرٍ واختلافٍ، ووقوع فرقة بين المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان، وجاهدوا في الله وعادوا المشركين ووالوا المسلمين، فالسكوت عن ذلك متعين)) انتهى كلامه. انظر: ((مجموعة التوحيد)) (ص69)

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[محب العلم]ــــــــ[30 - 08 - 04, 11:23 ص]ـ

أخي الكريم الشيخ النقاد وفقه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير