وظاهر كلام الخرقيّ من الحنابلة كما ورد في المغني أنّه لا فرق في وجوب العدّة بين أن يخلو بها مع المانع من الوطء أو مع عدمه، سواء كان المانع حقيقيّاً كالجبّ، والعنّة، والفتق، والرّتق، أو شرعيّاً كالصّوم، والإحرام، والحيض، والنّفاس، والظّهار، لأنّ الحكم علّق هاهنا على الخلوة الّتي هي مظنّة الإصابة دون حقيقتها.
وفي الجديد عند الشّافعيّة لا تجب العدّة بالخلوة المجرّدة عن الوطء لمفهوم قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا".
ثالثاً: أثر الخلوة في الرّجعة
20 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ الخلوة ليست برجعة، لأنّه لم يوجد ما يدلّ على الرّجعة لا قولاً ولا فعلاً.
وذهب المالكيّة إلى أنّ شرط صحّة الارتجاع علم الدّخول وعدم إنكار الوطء، فإن أنكرته لم تصحّ الرّجعة، وظاهره سواء اختلى بها في زيارة أو خلوة اهتداء، وهو أحد أقوال.
الثّاني أنّ ذلك في خلوة الزّيارة، أمّا خلوة الاهتداء فلا عبرة بإنكارها وتصحّ الرّجعة، ولا إن أقرّ به فقط في زيارة بخلاف البناء.
والثّالث، أنّها إن كانت الزّائرة صدّق في دعواه الوطء فتصحّ الرّجعة كخلوة البناء، وقال الصّاويّ تعليقاً على قوله ' وهو أحد أقوال ' بقوله: ذكر في الشّامل أنّ القول بعدم التّفرقة بين الخلوتين هو المشهور.
وقال ابن قدامة: الخلوة كالإصابة في إثبات الرّجعة للزّوج على المرأة الّتي خلا بها في ظاهر قول الخرقيّ لقوله: حكمها حكم الدّخول في جميع أمورها.
وقال أبو بكر: لا رجعة له عليها إلاّ أن يصيبها.
وللتّفصيل ينظر مصطلح: ' رجعة '.
رابعاً: أثر الخلوة في ثبوت النّسب
21 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ ثبوت النّسب ممّا يترتّب على الخلوة ولو من المجبوب، وقال ابن عابدين راوياً عن ابن الشّحنة في عقد الفرائد: إنّ المطلّقة قبل الدّخول لو ولدت لأقلّ من ستّة أشهر من حين الطّلاق ثبت نسبه للتّيقّن بأنّ العلوق كان قبل الطّلاق، وأنّ الطّلاق بعد الدّخول، ولو ولدته لأكثر لا يثبت لعدم العدّة، ولو اختلى بها فطلّقها يثبت وإن جاءت به لأكثر من ستّة أشهر، قال: ففي هذه الصّورة تكون الخصوصيّة للخلوة.
وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الزّوجة تكون فراشاً بمجرّد الخلوة بها حتّى إذا ولدت للإمكان من الخلوة بها لحقه، وإن لم يعترف بالوطء، لأنّ مقصود النّكاح الاستمتاع والولد، فاكتفى فيه بالإمكان من الخلوة.
ويرى الحنابلة أنّ الخلوة يثبت بها النّسب.
انظر: ' نسب '.
خامساً: أثر الخلوة بالنّسبة لانتشار الحرمة
22 - من الآثار الّتي تترتّب على الخلوة الصّحيحة انتشار الحرمة، وقد ذكر ابن عابدين أنّ الخلوة الصّحيحة تفيد حرمة نكاح الأخت وأربع سوى الزّوجة في عدّتها.
أمّا بالنّسبة لتحريم بنت الزّوجة فقد اختلف فيه، فروى ابن عابدين عن الفتاوى الهنديّة أنّ الخلوة بالزّوج لا تقوم مقام الوطء في تحريم بنتها.
وقال ابن عابدين في نوادر أبي يوسف: إذا خلا بها في صوم رمضان، أو حال إحرامه لم يحلّ له أن يتزوّج بنتها، وقال محمّد: يحلّ، فإنّ الزّوج لم يجعل واطئاً، حتّى كان لها نصف المهر.
ثمّ قال ابن عابدين: وظاهره أنّ الخلاف في الخلوة الفاسدة، أمّا الصّحيحة فلا خلاف في أنّها تحرّم البنت.
وقال ابن قدامة: الدّخول بالأمّ يحرّم البنت، لقوله تعالى: "وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ".
وهذا نصّ والمراد بالدّخول في الآية الوطء كنّى عنه بالدّخول، فإن خلا بها ولم يطأها لم تحرم ابنتها، لأنّ الأمّ غير مدخول بها، وظاهر قول الخرقيّ تحريمها لقوله: فإن خلا بها، وقال لم أطأها، وصدّقته، لم يلتفت إلى قولها، وكان حكمها حكم الدّخول.
وذكر ابن قدامة في موضع آخر خلافاً في تحريم الرّبيبة فقال: وأمّا تحريم الرّبيبة فعن أحمد أنّه يحصل بالخلوة، وقال القاضي وابن عقيل: لا تحرم، وحمل القاضي كلام أحمد على أنّه حصل مع الخلوة نظر أو مباشرة، فيخرّج كلامه على إحدى الرّوايتين في أنّ ذلك يحرم، والصّحيح أنّه لا يحرم، لقوله تعالى: "فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ" والدّخول كناية عن الوطء والنّصّ صريح في إباحتها بدونه، فلا يجوز خلافه.)).
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[09 - 09 - 04, 09:50 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله علي نقلكم الطيب
وبارك الله فيكم
وشكر يا حنبلي السلفي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 - 09 - 04, 11:19 م]ـ
نقل طيب جدا جدا
بارك الله تعالى في الأخ (المفيد) دون السين
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[10 - 09 - 04, 03:05 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي المستفيد على نقله القيم المفيد