تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:12 م]ـ

البوطي …والمنهج

عبد القادر حامد

تخبط وتناقض:

إن ميزة الكتب النافعة أنك لا تقرؤها مرة إلا وتجد فيها فائدة لم تكن وجدتها

في القراءة الأولى، لكن كتاب البوطي هذا على الضد، لا تقرؤه إلا وتجد فيه

خبيئة فاتتك في القراءة السابقة. ولو استعرضنا جميع التناقضات التي اكتشفناها في

هذا الكتاب لطال الكلام ولملّ القارئ، ولكن نكتفي ببعضها.

يقول - عند كلامه على العوامل التي أدت إلى تطوير أساليب الصحابة

الفكرية وطرقهم التربوية! وعاداتهم السلوكية! تحت عنوان: العامل الثالث: -

» ... ولما رأوا أنفسهم يعيشون في بلاد غير التي عرفوها، ويقابلون

عادات غير التي ألفوها، ويجابهون مشكلات لا عهد لهم بها، (كمشكلة المناخل!)

اضطروا إلى فتح باب الرأي بعد أن كان مغلقاً، وإلى التعامل معه والأخذ به بعد أن

كان ذلك أمراً مرفوضاً ومستهجناً.

ومن أشهر الصحابة الذين انتشروا في الأمصار، ورفعوا لواء الاتجاه في هذا

الطريق (طريق الرأي! انتبه!) الخلفاء الراشدون وعبد الله بن عمر وعائشة،

وهؤلاء كانوا في المدينة، (إلى أين انتشروا؟) وعبد الله بن عباس وقد كان بمكة

(أين ذهب؟!) «[ص34].

ففي هذه الفقرة تخبط ومجازفة واضحة، فالخلفاء الراشدون كلهم - ماعدا علياً؛

وفي أيام خلافته فقط - عاشوا في المدينة ولم ينتشروا في الأمصار! ولم يطوروا

من أساليبهم الفكرية، وطرقهم التربوية، وعاداتهم السلوكية، ولم يفتحوا باب

الرأي بعد أن كان مغلقاً! وبخاصة أبو بكر الذي توفي بعد الرسول - صلى الله

عليه وسلم - بعامين ونصف تقريباً، ولم يدرك هذه الأزمة الفكرية المفترضة التي

يصورها المؤلف هذا التصوير (الدرامي).

وفي [ص80] يقرر في الفقرة الأولى قضية تنقضها الفقرة التي تليها، فيقول:

(إن قواعد اللغة الدلالية والبيانية قواعد لغوية صافية لا تتأثر بأي جهة دينية

أو مذهب فكري، وهذا معنى قولنا عنها: إنها قواعد حيادية).

وهذه مسألة فيها نظر؛ من وجهة نظر شرعية ومن وجهة نظر لغوية بحتة،

وليس هذا مجال بحثها. وهذه القاعدة التي ذكرها ينقضها هو نفسه في الفقرة التالية

حيث يقول:

(غير أن الكثير من هذه القواعد، وإن كان محل اتفاق من أئمة اللغة،

إلا أن فيها أيضاً، ما هو محل نظر وخلاف فيما بينهم).

لكن القول السديد في هذه المسألة - التي أعاد البوطي فيها القول ليوهم قراءه

أن (السليقة العربية) وقواعد اللغة كافية لمن حذقها (في فهم النصوص وإدراك

مراميها) [ص 49]- هو ما قاله ابن تيمية وسنثبته هنا متحملين ومحتسبين وصف

البوطي لنا بالسطحية وعدم الصبر والاستيعاب، هذه العيوب التي انعكست علينا

من أسلوب ابن تيمية المضطرب يقول: (وقد انعكس هذا الاضطراب في كلام ابن

تيمية على أذهان كثير ممن يقرؤون له، بسطحية وبدون صبر واستيعاب).

161] لا حول ولا قوة إلا بالله.

يقول ابن تيمية:

(ومما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف

تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى

الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم ولهذا قال الفقهاء: (الأسماء ثلاثة أنواع:

نوع يعرف حده بالشرع، كالصلاة والزكاة؛

ونوع يعرف حده باللغة، كالشمس والقمر؛

ونوع يعرف حده بالعرف، كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله:

] وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [[النساء: 19] ونحو ذلك.

وروي عن ابن عباس أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه:

* تفسير تعرفه العرب من كلامها،

* وتفسير لا يعذر أحد بجهالته،

* وتفسير يعلمه العلماء،

* وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب.

فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك، قد بين الرسول - صلى الله

عليه وسلم - ما يراد بها في كلام الله ورسوله، وكذلك لفظ الخمر وغيرها ومن

هناك يعرف معناها، فلو أراد أحد أن يفسرها بغير ما بينه النبي - صلى الله عليه

وسلم - لم يقبل منه. وأما الكلام في اشتقاقها ووجه دلالتها؛ فذاك من جنس علم

البيان، وتعليل الأحكام، هو زيادة في العلم، وبيان حكمة ألفاظ القرآن، لكن

معرفة المراد بها لا يتوقف على هذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير